للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، وقبل التصحيح أذكر مجرد مثل بسيط عن رحَّالة جاء بعد الجزيري في رحلات الحجِّ واسمه عبد السلام الدرعي المغربي فقد سرد هذا الرحَّالة في مخطوط له عن قبيلة بلِّي وقال عنها التالي:

إن أعراب بلِّي ما أكثرهم إلَّا أن الله تعالى أذلَّهم وفرَّقهم وفتحت كلّ قبيلة من قبائل الحجاز نتفة منهم، ولا يقيم لهم أحد من الأعراب وزنا، فهم ضعفة متضعفون دأبهم حمل الكراء والسرقات!! (انتهى).

ماذا لو أخذنا بكلام هذا الرحَّالة عن قبيلة عريقة معروفة منذ الجاهلية ولا تخفى على أحد، ولربما لو كانت بلِّي قبيلة حديثة مثل الحويطات لصدَّق على كلامه محقق هنا أو هناك، ولسار وراءه النّاس وصدَّقوا هذه الفرية، واطلعت على تحقيق الأستاذ الجاسر لهذا الرحَّالة المغربي، وقام مشكورًا في هامش المصنّف الذي أصدره باسم ملخص رحلتي عبد السلام الدرعي المغربي، قام بتصحيح تخبُّط هذا الرحَّالة وقال: إن بلِّي قبيلة متماسكة ليست مُفَرَّقة ولها منزلتها بين القبائل العربية.

والهدف من وراء ذكر هذا المثال عن هذا الرحَّالة لتوضيح أنهم ليسوا محل ثقة في مجال الأحساب والأنساب للعناصر أو القبائل في طريق الحجِّ؛ لأنهم سائرون وراء أهوائهم وحسب مزاج كلّ منهم، والجزيري مثله مثل الدرعي كلاهما في وتيرة وميزان واحد وارد عنهم التخبط والالتباس. ونلفت النظر إلى أن كبار النسَّابين وجهابذة عصرهم ورد عنهم الخطأ في نسب بعض القبائل، فما بالنا بهؤلاء الرحَّالة غير المتخصصين في هذا العلم، ولذلك فخطؤهم هيِّن عن النسَّابين، أي لهم العذر.

وأذكر مثالا مهما لإجماع كبار النسَّابين على نسب قبيلة حرب ورغم هذا الإجماع فهو خاطئ!!، ورغم ذلك إذا سار باحث وراء ابن حزم والقلقشندي والسويدي، وإذا تمسك بهذا النسب معتمدًا على أنَّ مثل هؤلاء هم فطاحل النسَّابين، علاوة على الإجماع منهم فإن هذا الباحث لا لوم عليه في هذه الحالة، وقول هؤلاء عن حرب كما هو معروف بأنهم من بني هلال بن عامر المشهورين، أي من (هَوَازِن) العدنانية!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>