للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تموجت هذه القبيلة أماكن عدة في شمال اليمن حتى استقر بها المقام في نجران، وبقيت هناك قوية الشكيمة عزيزة الجانب حتى الغزو الحبشي إلى بلاد العرب وذلك في أواسط القرن السابع الهجري ولم تنج شمَّر من طغيان الأحباش والتي قاومته بشدة، حيث حاول الأحباش فرض سيطرتهم على الجزيرة العربية بعد احتلالهم لليمن، ورفضت شمَّر الانصياع لهم مما أدى إلى تضاعف الضغط الحبشي عليهم أكثر فأكثر، حتى أجبرت على الخروج من نجران واللحاق بقبيلتها الأم طيئ في جبلي أجأ وسلمى، وذلك بعد صدامات عنيفة مع الأحباش الغزاة، وقد ترجم لنا شاعر لهم هذه الأحداث بالأبيات:

يا دارنا بنجران حنا تركناك … عفناك لو انك حدا والدينا

ياما من دم المعادي سقيناك … واستوفى الدّيّان وحنا قضينا

وهذا يوضح أن نجران هي إحدى ديار شمَّر قديما، لكنها أخلتها نتيجة الظروف التي ذكرناها آنفا.

ارتحلت هذه القبيلة من نجران إلى جبلي أجأ وسلمى، وهما جبلان في نجد لا يزالان يحملان شموخ عروبة شمَّر.

ولا بد لنا أن نتعرف على تاريخ هذين الجبلين كما ورد في أمهات كتب التاريخ لنبين أهميتهما التاريخية والطبيعية.

أولا - جبل أجأ: على وزن فَعَل بالتحريك، مهموز مقصور والنسب إليه أجئي، وهو علم مرتجل لاسم رجل سمي الجبل باسمه، ويجوز أن يكون منقولا، ومعناه: الفرار، كما حكاه ابن الأعرابي: يقال أجأ الرجل إذا فرَّ، وقال الزمخشري: أجأ وسلمى، جبلان عن يسار سميراء، وقد رأيتهما، شاهقان ولم يقل عن يسار القاصد إلى مكة أو المنصرف عنها، وقال أبو عبيد السكوني: أجأ أحد جبلي طيئ، وهو غربي فيد وبينهما مسيرة ليلتين وفيه قرى كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>