وذكر العلماء بأخبار العرب: أن أجأ سُمي باسم رجل وأن سلمى باسم امرأة .. وكان من خبرهما أن رجلا من العماليق يقال له: أجأ بن عبد الحي، عشق امرأة من قومه، يقال لها سلمى، وكانت لها حاضنة يقال لها العوجاء، وكانا يجتمعان في منزلها حتى نذر بهما أخوة سلمى وهم: الغُميم والمُضل وفَداك وفائد والحدثان وزوجها (١)، فخافت سلمى وهربت هي وأجأ والعوجاء، وتبعهم زوجها وإخوتها فلحقوا سلمى على الجبل المسمى (سلمى) فقتلوها هناك، فسمي الجبل باسمها، ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبلين فقتلوها هناك، فسمي المكان باسمها ولحقوا أجأ بالجبل المسمى بأجأ فقتلوه فيه، فسمي به وأنفوا أن يرجعوا إلى قومهم، فسار كل واحد إلى مكان أقام فيه فسمي ذلك المكان باسمه.
وأما سبب نزول طيئ الجبلين، دون غيرهم من العرب، فقد اختلف الرواة فيه.
قال ابن الكلبي: لما تفرق بنو سبأ أيام سيل العرِم سار جابر وحرملة ابنا أدد بن زيد بن الهميسع، وتبعهما ابن أخيهما طيئ واسمه "جُلهمة" فساروا نحو تهامة، وكانوا فيما بينهم وبين اليمن، ثم وقع بين طيئ وعمومته ملاحاة، ففارقهم نحو الحجاز بأهله وماله وتتبع مواقع المطر، فسمي طيئا لطيه المنازل، وقيل سمي طيئا لغير ذلك، وأوغل طيئ بأرض الحجاز وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إبله، ويغيب ثلاثة أشهر ثم يعود إليه وقد عَبُل وسمن وآثار الخضرة بادية في شدقيه، فقال لابنه عمرو: تفقد يا بني هذا البعير فإذا شرد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين ينتهي، فلما كان أيام الربيع وشرد البعير تبعه عمرو على ناقة له، فلم يزل يقفو أثره حتى صار إلى جبل طيئ، فأقام هناك ونظر عمرو إلى بلاد واسعة كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف.
فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك فسار طيئ بإبله وولده حتى نزل الجبلين، فرآها أرضا لها شأن، ورأى فيها شيخا عظيما جسيما مديد القامة، على خلق