للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولزيد الخير ابنان: مكنف وحريث، أسلما وصحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدا قتال أهل الردة مع خالد بن الوليد -رضي الله عنه (١) - وأن اسم حريث هذا قد ورد تاريخيا كاسم من أسماء وأجداد شمَّر وفي شهر ربيع الآخر من السنة التاسعة للهجرة أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه - في سرية إلى ديار طيئ وأمره أن يهدم صنمهم الفلس فسار إليهم، وأغار عليهم، فغنم وسبى وكسر الصنم، وكان متقلدا سيفين يقال لأحدهما: مخذم وللآخر رسوب فأخذهما علي، وحملهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الحارث بن أبي شمَّر أهدى السيفين للصنم فعلقا عليه، وأسر بنتا لحاتم الطائي، وحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فأطلقهما (٢)، وكان لهذه السرية الموفقة أثر بالغ في القضاء التام على وثنية طيئ، وفتح عقولهم وقلوبهم للإسلام، كما كانت سببا في هروب عدي بن حاتم إلى الشام، ثم قدومه إلى المدينة المنورة ودخوله في الإسلام، وبدأت طيئ منذ بداية السنة العاشرة للهجرة تعوض ما فاتها، وتخط في ذاكرة الزمن أمجادا إسلامية خالدة أجملها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عندما قال لوفد من طيئ:

"جزاكم الله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ووافيتم بصدقاتكم المسلمين".

وما ينطبق هنا على قبيلة طيئ فإنما ينطبق على (شمَّر) وهي جزء لا يتجزأ من طيئ، وسوف نرى في الصفحات القادمة بأن شمَّرا هي إحدى بطون طيئ التي استقر بها المقام معها في جبلي أجأ وسلمى، ثم تفرعت عنها بعد ذلك بزمن وأصبحت شمَّر المعروفة اليوم ببطونها: عبدة وزوبع وأسلم.

ولا نزال -قارئي العزيز - نبحث في أعلام ورؤساء قبيلة (طيئ) ونخص بالذكر حاتم بن عبد الله بن سعد وعدي بن حاتم وسفانة بنت حاتم لنرى إلى أي مدى تمتع هؤلاء بمكارم الأخلاق من كرم وشجاعة وشعر وفصاحة، ولنبدأ بحاتم بن عبد الله بن سعد والذي ضُرب به المثل في الجود والسخاء فنقول:


(١) انظر شرح المواهب اللدنية للزرقاني ٤/ ٢٥، ٢٦.
(٢) الكامل في التاريخ: لابن الأثير ٢/ ١٩٤، ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>