للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانة آل محمد (آل الجربا) - إن شيوخ شمَّر (آل محمد) لا يقرون بما ذكرناه من التقسيم الذي وضعته السياسة، ولا يعترفون بوجود أي حاجز، أوأي فرق بين شمَّر كلها، ويقولون: إن أي شيخ منهم في العراق تنفذ كلمته على أي جمع من شمَّر الشام (سورية)، وأي منهم في الشام (سورية) يستطيع أن يرأس أي فريق في العراق، والواقع يؤيد قولهم هذا؛ لأن الحدود بين شمَّر القطرين الشقيقين المارة بتل صفوق والممتدة مئات الكيلو مترات حتى تل كوشك هي وهمية، يجتازها الشمَّريون من هنا إلى هناك بلا حذر، فالاتصال دائم، والألفة بين الأفراد والنجدة حين الفزع الأكبر موفورتان.

هذا، ولكل عشيرة رئيس لا يتجاوز نفوذه نطاقها، وله مكانته وسلطته، لكن الرئاسة العامة على شمَّر لآل محمد (آل الجربا)، وهؤلاء هم في الأصل من طيئ القدماء وذوو الرئاسة العليا على شمَّر، منذ أقدم العهود قبل آل الرشيد وآل علي الذين كانت رئاساتهم مؤقتة، وإذا جد الجد واحتدمت المشاكل الكبرى، فإن شيوخ شمَّر من غير الرؤساء لا يحكمون إلا على فروعهم القريبة، ولا يمثلون إلا أبناء عمومتهم؛ أي أن مرد البت في كل أمر خطير هو إلى (آل محمد) وحدهم، ومما يحكى عن نفوذ هذه الأسرة على أتباعها أنه من الشدة بحيث (١) لا يجرؤ أي شمَّرى كان مهما سمت منزلته، أن يجير منهم أحدا من الناس، أو من أفراد العشائر الغريبة عنهم، وإذا حل ضيفا على أحدهم في بيته، أو إذا التجأ إلى حمايته، يقول له الشمَّري: أنا أجيرك وأحميك من عشيرتي، ومن أفراد شمَّر الآخرين كافة، حسب مقدرتي، إلا من الشيوخ (آل الجربا) فإني لا أحسن أن أجيرك منهم، فإنهم إن أخذوا أموالك أو ذبحوك، ولو في بيتي فلا أتمكن من حمايتك والذود عنك، وهم بذلك بعكس طبائع عربان عنزة، فإن الصغير منهم يجير من الكبير، والوضيع من الرفيع، على الحق وحسب العادات، والقوانين العشائرية الموروثة لهم، والمتبعة فيما بينهم، وإذا


(١) جريدة صوت الفرات، العدد ٣٩ السنة ١، مقال (معلومات عن تاريخ وأحوال شمَّر) بقلم: جلال علي التكريتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>