ومشرف الدندل من الحسون، وتركي النجرس من الثلث، لم يرضوا بالشيخ جدعان الهفل أكبر مشايخ العقيدات، الذي لم تستشر السلطات سواه في المفاوضات عن جميع العقيدات، فأعيد المؤتمر في دير الزور (١٣٦١ هـ - شباط ١٩٤٢ م) وعقد الصلح نهائيا، ووقعه كل شيوخ العقيدات، كما وقعه الشيخ صفوق الياور، وأعيد الغنم المنهوب إلى أصحابه، لكن هذا الصلح أيضًا لم يدم للأسف، فتكررت غارات العبدة من شمَّر على العقيدات، مرتين خلال سنة ١٩٤٥ م، ولم ينته الأمر كما يجب بين الطرفين.
٤ - الخلاف بين شمَّر والبقارة: كان خالد الحمى الطلاع رئيس فرقة البومعيش من بقارة الزور، نزح عن عشيرته لحوادث دم وغيرها، ولجأ إلى الشيخ ميزر عبد المحسن رئيس شمَّر الزور، وأقام على الحدود العراقية السورية مدة سنتين (١٩٣٤ - ١٩٣٦)، ولما أجازت الحكومة إلى الشيخ ميزر بوضع اليد على خمس قرى في ناحية الدرباسية ذات مساحات عظيمة، نقل خالد الحمى مع فرقته إلى هذه القرى، وحملهم على استثمارها بالشراكة مناصفة، فظل خالد المذكور فيها حتى سنة ١٩٣٧ م التي اشتدت فيها حركات الفرنسيين ضد الحكم الوطني، وانحاز بعض ذوي الضمائر الرخيصة إليهم، ومنهم خالد المذكور (فيما رووه)، وأراد الفرنسيون وقتئذ أن ينتقموا من الشيخ ميزر لموقفه الوطني، بعد أن كانوا يظنونه معهم، فحملوا خالدا على عصيان ميزر، واغتصاب القرى، وطرد جماعة ميزر منها.
وشرع ميزر بالمراجعة والادعاء وسعى كثيرا إلى حل المعضلة بالحسنى، فلم يوفق خلال سني ١٩٣٨ م -١٩٤٣ م التي كانت الكلمة فيها للفرنسيين، وظل خالد الحمى مغتصبا القرى والحاصلات، وتصادف أن أحد الأكراد من الكيكية، وهو الحاج درويش موسى رئيس إحدى فرق الكيكية باع قرية تل بيدر إلى خالد الحمى المذكور، فلم يرق هذا البيع إلى عشيرته، لكرههم مجاورة البقارة، وأرادوا منعه، ثم كان خلاف قديم بين الشرابيين والبقارة، ومن هنا اتحدت شمَّر وميزر والكيكية والشرابيين ومعهم حرب، باعتبار أن الخلف لشمَّر، وهاجموا البقارة، فأنجدت بقارة الزور إخواتها بقارة الجبل، ومعهم البوحمدان الذين أصلهم من البقارة، واشتبك هذان المعسكران في معارك ظفر البقارة في الأولى عنها، ثم دالت عليهم في التالية، وفي الأولى بلغوا بيت الشيخ ميزر في قرية