للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الفئة يرون أنفسهم أفضل من غيرهم؛ لذلك شرعوا لأنفسهم أشياء وفرضوا على غيرهم أشياء لكي يتميزوا على سائر الفئات الأخرى، ومن الأشياء التي ابتدعوها:

١ - منعوا أنفسهم من الوقوف في عرفة كسائر النّاس، مع إقرارهم بأنها من مشاعر الحجّ، ولكن قالوا: نحن أهل الحرم، ولا ينبغي لنا أن نخرج منه ونعظم غيره (١).

٢ - كانوا إذا أحرموا للحج لا يطبخون أقطا، ولا يسألون سمنا، ولا يدخرون لبنا، ولا يمسون دهنا، ولا يأكلون لحما أو شيئًا من نبات الحرم، ولا ينسجون شعرًا أو برا أو صوفا. وكانوا في حجهم لا يدخلون بيتًا من شعر، ولا يستظلون إلَّا في بيوت الأدم (٢). أضف إلى هذا أنهم كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها، ولا يستظلون بسقوفها وإنما يعمد أحدهم فينتقب نقبا في ظهر بيته، فمنه يدخل ويخرج (٣). ولم يكتف الحمس بما لزموا به أنفسهم من هذه الأمور الصعبة، وإنما ألزموا غيرهم من العرب أشياء آخر. فقالوا: لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل في الحرم إذا كانوا حجاجا أو عمارا، ولا يأكلون إلَّا من طعام إما قراء وإما شراء" (٤)، وبهذه الطريقة استغلوا إخوانهم العرب فأجبروهم على شراء الطعام من تجارهم لكي يربحوا ويستفيدوا، كذلك اشترطوا على كل من حج البيت لأول مُرّة رجلًا كان أو امرأة أن يطوف بالبيت عريانا، إلَّا أن يرزقه الله بثوب أحمسي إما إعارة وإما إجارة (٥).

ومن هذين الأمرين يظهر لي أن الحمس لعبوا دورا كبيرًا في حياة البشر، واستغلوا الحلة استغلالا اقتصاديا، وفتحوا بابا كبيرًا للفساد بتضييق الخناق على الحلة بأن يطوفوا بالبيت عراة إذا لَمْ يجدوا من بعيرهم ثيابه. وقد يرفض الخمس


(١) المصدر نفسه، ص ١٧٧.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٨٠.
(٣) الأزرقي "أخبار مكة"، ص ١٨٠.
(٤) المصدر نفسه، ص ١٧٧.
(٥) المصدر نفسه، ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>