للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحارثي في تلك الهيئة - لما رأى عامرا يصنع بقومه الأفاعيل - فقال: يا أبا علي انظر ما صنعت بالقوم، انظر إلى رمحي! حتى إذا أقبل عليه عامر وجاءه بالرمح في وجنته، ففلق وجنته، وأصاب عينه وخلى الرمح فيها، وضرب فرسه فلحق بقومه. وفي طعنه عامر بن الطفيل يقول مسهر:

وهصت بخرص الرمح مقلة عامر … فأضحى بخيصا في الفوارس أعورا

وغادر فينا رمحه وسلاحه … وأدبر يدعو في الهوالك جعفرا

وكنا إذا قيسيه برقت لنا … جرى دمعها من عينها فتحدرا

مخافة ما لاقت حليلة عامر … من الشر إذ سربالها قد تعفرا

ويقول عامر (١):

لعمري، وما عمري عليّ بهين … لقد شان حر الوجه طعنة مسهر

فبئس الفتى إن كنت أعورا عاقرا … جبانا وما أغني لدى كل محْضر

وقد علموا أني أكسر عليهم … عشية فيف الريح كرَّ المدور

فلو كان جمع مثلنا لَمْ نبالهم … ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر

فجاءوا بشهِرّان (٢) العريضة كلها … وأكلب طرَّا في لباس السَّنور (٣)

وقال في هذا اليوم أبو دؤاد الرواسي:

ونحن أهل بضيع يوم واجهنا … جيش الحصين طلاع الخائف الكزم

ساقوا شعوبا وعنسا في ديارهم .... ورجل (٤) خَثْعم من سهل ومن علم (٥)

مناهم منية كانت لهم كذبا … إن المنى إنما يوجدن كالحلم

ولت رجال بني شهِرّان تتبعها … خضراء يرمونها بالنبل عن شمم

والزاعبية تكفيهم وقد جعلت … فيهم نوافذ لا يرقعن بالدسم

ظلت يحابر تدعي وسط أرحلنا … والمستميتون من حاء ومن حكم

حتى تولوا وقد كانت غنيمتهم … طعنا وضربا عريضا غير مقتسم


(١) وانظر ديوانه ص ٦٤.
(٢) شهران وناهس وأكلب كان عليهم أنس بن مدرك الخثعمي.
(٣) السنور: لبوس يلبس في الحرب كالدروع.
(٤) رجل الرجل: فهو راجل ورجل الرجل أيضًا اسم جمع عند سيبويه.
(٥) العلم. جبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>