سعد العشيرة، ومراد وصداء ونهد، واستعانوا بقبائل خَثْعم فخرج شهِرّان وناهس وأكلب عليهم أنس بن مدرك الأكلبي وأقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكانا يقال له:"فيف الريح" ومع مَذْحِج النساء والذراري حتى لا يفروا: إما ظفروا وإما ماتوا جميعًا. فاجتمعت بنو عامر كلها إلى عامر بن الطفيل فقال لهم عامر - حين بلغه مجيء القوم: أغيروا بنا عليهم، فإنا نرجو أن نأخذ غنائمهم ونسبي نساءهم ولا تدعوهم يدخلون عليكم داركم.
فتابعوه على ذلك وقد جعلت مَذْحِج ولفها رقباء، فلما دنت بنو عامر من القوم صاح رقباؤهم: أتاكم الجيش فلم يكن بأسرع من أن جاءتهم مسالحهم تركض إليهم فخرجوا إليهم، فقال أنس بن مدرك لقومه: انصرفوا بنا ودعوا هؤلاء، فإنهم يطلبا بعضهم بعضًا، ولا أظن عامرا تريدنا، فقال لهم الحصين بن يزيد: افعلوا ما شئتم فإنا والله ما نراد دونكم، وما نحن بشر بلاء عند القوم فانصرفوا إن شئتم فإنا نرجو ألا نعجز عن بني عامر، فرب يوم لنا ولهم غابت سعوده، وظهرت نحوسه، فقالت خَثْعم لأنس: إنا كنا وبنو الحارث على مياه واحدة في مراع واحدة وهم لنا سلم وهذا عدو لنا ولم، فتريد أن ننصرف عنهم فوالله لئن سلموا وغنموا لنندمن ألا نكون معهم، ولئن ظفر بهم لتقولن العرب: خذلتم جيرانكم، فأجمعوا على أن يقاتلوا معهمم وجعل الحصين لخثعم ثلث المرباع ومناهم الزيادة، والتقى القوم فاقتتلوا قتالا شديدًا ثلاثة أيام يغادونهم القتال بفيف الريح، فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي، وعمرو بن صبيح النهدي، فطعنه عمرو فذهب الصميل بطعشه معانقا فرسه، حتى ألقاه فرسه إلى جانب الوادي، فاعتنق صخرة وهو يجود بنفسه، فمر به رجل من خَثْعم، فأخذ درعه وفرسه وأجهز عليه، وبرز يومئذ حسيل بن عمرو الكلابي فبرز له صخر بن أعي النهدي، فقال عامر بن الطفيل لحسيل: ويلك يا حسيل: لا تبرز له فإن صخرا صخرة وإن أعي يعيا عليك، ولكن حسيلا لَمْ يستمع لقوله، وبرز للقتال فقتله صخر. وكان عامر بن الطفيل يتعهد النّاس فيقول: يا فلان: ما رأيتك فعلت شيئًا فيقول الرجل الذي قد أبلى: انظر إلى سيفي وما فيه، وإلى رمحي وسناني فأقبل مسهر بن يزيد