فخرج تأبط شرا والمسيب بن كلاب وعامر بن الأخنس وعمرو بن براق ومرة بن خليف والشنفري بن مالك، والسمع وكعب حدار ابنا جابر أخو تأبط، فساروا حتى غاروا على العوص، فقتلوا منهم ثلاثة نفر: فارسين وراجلا، واطردوا لهم إيلا وأخذوا منهم امرأتين فمضوا بما غنموا، حتى إذا كانوا على يوم وليلة من قومهم عرضت لهم خَثْعم في نحو من أربعين، فيهم أبي بن جابر الخثعمي، وهو رئيس القوم فقال تأبط: يا قوم لا تسلموا لهم ما في أيديكم حتى تبلوا عذرا، وقال لعامر بن الأخنس: عليكم بصدق الضراب وقد أدركتم بثأركم، وقال المسيب: "اصدقوا القوم الحملة، وإياكم والفشل، وقال عمرو بن براق: ابذلوا مهجكم ساعة، فإن النصر عند الصبر، وقال الشنفري:
نحن الصعاليك الحماة البزل … إذا لقينا لا نرى نهلل
وقال مُرّة بن خليف:
يا ثابت الخير ويابن الأخنس … ويابن براق الكريم الأشوس
والشنفرى عند حدود الأنفس … أنا ابن حامي السرب في المغمس
نحن مساعير الحروب الضرس
وقال كعب حذار أخو تأبط:
يا قوم أما إذا لقيتم فاصبروا … ولا تخيموا جزعا فتدبروا
وقال السمع أخو تأبط:
يا قوم كونوا عندها أحرارا … ولا تسلموا العون والبكارا
والقناعيس ولا العشار … الخثعم وفد دعوا غرارا
ساقوهم الموت معا أحرارا … وافتخروا الدهر بها افتخارا
فلما سمع تأبط مقالتهم، قال: بأبي أنتم وأمي، نعم الحماة إذا جد الجد، أما إذا أجمع رأيكم على قتال القوم فاحملوا ولا تتفرقوا، فإن القوم أكثر منكم، فحملوا فقتلوا منهم، ثم كروا الثانية فقتلوا، ثم كروا الثالثة فقتلوا فانهزمت خَثْعم