للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفرقت في رؤوس الجبال، ومضي تأبط وأصحابه بما غنموا وأسلاب من قتلوا، فقال تأبط في ذلك:

جزى الله فتيانا على العوص أشرقت … سيوفهم تحت العجاجة بالدم

وقد لاح ضوء الفجر عرضا كأنه … بلمحته إقراب أبلق أدهم

فإن شفاء الداء إدراك ذحلة … صباحًا على اثار حوم عرمرم

وضأربتم بالسفح إذ عارضتهم … قبائل من أبناء قسر وخَثْعم

ضرابا عدا منه ابن حاجز هاربا … ذُرا الصخر في جوف الوجين المديم (١)

ولم يكتف تأبط شرا وأصحابه الصعاليك بهذه الغارة بل عاودوها مُرّة أخرى. قال صاحب الأغاني: "وذكروا أن تأبط شرا أغار على خَثْعم فقال كاهن لهم أروني أثره حتى آخذه لكم فلا يبرح حتى تأخذوه، فكفئوا على أثره جفنة، ثم أرسلوا إلى الكاهن فلما رأى أثره قال: هذا ما لا يجوز في حاحبه الأخذ" (٢) فقال تأبط شرا:

ألا أبلغ بني فهم بن عمرو … على طول التنائي والمقالة

مقال الكاهن الجاميّ لما … رأى أثري وقد أنهبت ماله

رأي قدَميّ وقعهما حثيث … كتحليل الظليم دعا رئالة

أرى بهما عذابًا كل عام … الخثعم أو بجيلة أو ثمالة

وشر كان صب على هُذيل … إذا علقت حبالهم حباله

ويم الأزد منهم شر يوم … إذا بعدوا فقد صدقت قاله (٣)

وأغار تأبط شرا وحده على خَثْعم، فبينما هو يطوف إذا مر بغلام يتصيد الأرانب، معه قوسه ونبله، فلما رآه تأبط شرا أهوى ليأخذه، فرماه الغلام فأصاب يده اليسري، وضربه تأبط شرا فقتله، فقال أحد قوم المقتول:


(١) الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢١، ص ١٥٣.
(٢) المصدر نفسه، ج ٢١، ص ١٥٧.
(٣) الأصفهاني "الأغاني"، ج ٢١، ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>