للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن وكانت تعظمها وتهدي لها خَثْعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب ومن هَوَازِن".

وظلت هذه القبيلة كغيرها من القبائل العربية على عبادة صنمها حتى أشرقت شمس الإسلام وبدأ كوكب الوثنية يتضعضع، وأخذ الإسلام في الانتشار في المدينة ومكة، وعلى الرغم من انشغال الرسول الكريم بأمور الدعوة وفتح مكة وتوافد الوفود عليه تعلن إسلامها لَمْ يغفل عن أمر الكعبة اليمانية وخطر هذا الصنم على قبائل اليمن وعلى الإسلام، فلما قدم عليه جرير بن عبد الله البجلي يوم فتح مكة مسلمًا قال: يا جرير ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال: بلِّي، فوجهه إليه فخرج حتى أتى بني أحمس من بُجيلة فسار بهم إليه فقاتلته خَثْعم وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خَثْعم وظفر بهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار فاحترق، فقالت امرأة من خَثْعم:

وبنو أمامة بالولية صرعوا … شملا يعالج كلهم أُنبوبا

جاؤوا لبيضتهم فلاقوا دونها … أسدا يقب لدى السيوف قبيا

قسم المذلة بين نسوة خَثْعم … فتيان أحمس قسمة تشعيبا (١)

وورد في كتاب المغازي عن جرير أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ألا تريحني من ذي الخلصة وكان بيتًا في خَثْعم يسمى الكعبة اليمانية، فانطلق في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل فضرب صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا، فانطلق إليها فكسرها وحرقها ثم بعث إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب، فقال: فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات" (٢)، وأورد الواقدي ما نصه (٣): "أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث قطبة ابن عامر بن حديدة في عشرين رجلًا إلى حي من خَثْعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة عليهم، وأن يسير الليل ويكمن النهار، وأمره أن يفذ السير فخرجوا


(١) ياقوت الحموي "معجم البلدان"، ج ٢، ص ٣٨١.
(٢) "صحيح البخاري" ج ٥، ص ١١١.
(٣) المغاري، ج ٢، ص ٧٥٤، تحقيق د. مارسون جونسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>