للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عشرة أبعرة يعتقبونها، وقد غيبوا السلاح، فأخذوا على الفتق حتى انتهوا إلى بطن مسحب فأخذوا رجلًا فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضر، فقدمه قطبة فضرب عنقه، ثم قاموا حتى كان ساعة من الليل، فخرج رجل منهم فيجد حاضر نعم، فيه النعم والشاء، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فأقبل القوم يدبون دبيبا يخافون الحرس، حتى انتهوا إلى الحاضر وقد ناموا وهدأوا، فكبروا وشنوا فخرج إليهم رجال الحاضر فاقتتلوا قتالا شديدًا حتى كثرت الجراح في الفريقين، وأصبحوا وجاء الخثعميون الدهم (١) فحال بينهم سيل أتي، فما قدر رجل واحد منهم يمضي حتى أتي قطبة على أهل الحاضر، فأقبل بالنعم والشاء والنساء إلى المدينة وكان في صفر سنة تسع".

ومن هذه النصوص ندرك أن قبائل خَثْعم عارضت في بداية أمرها - كغيرها من القبائل - دعوة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحاربت قادته الذين أرسلهم لدعوتها ودافعت عن صنمها ذي الخلصة دفاعا شديدًا أفقدها مائتي رجل من رجالها، ولكن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يشرفها بالإسلام وأن يحقق دعوة نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجرير بن عبد الله "بأن يجعله هاديا مهديا" فانتصر عليهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار، فخابت آمال الخثعميين ومن اتبعهم من قبائل اليمن في صنمهم وزالت قدسيته من قلوبهم وعرفوا الحق المبين، واستجابوا لندائه فوفدوا ضمن وفود القبائل الأخرى يتقدمهم أنس بن مدرك الأكلبي وعثعث بن زحر معلنين إسلامهم وطاعتهم لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد أورد ابن سعد ذلك فقال: "وفد عثعث بن زحر وأنس بن مدرك من رجال خَثْعم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما هدم جرير بن عبد الله ذا الخلصة وقتل من قتل من خَثْعم فقالوا: آمنا بالله ورسوله وما جاء من عند الله فاكتب لنا كتابًا نتبع ما فيه فكتب لهم كتابًا شهد فيه جرير بن عبد الله ومن حضر" (٢).


(١) الدهم: العدد الكثير.
(٢) الطبقات الكبرى، ج ١، ص ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>