يكون كما قلنا (عصيدة ومرق) وفي تلك الليلة تدق الطبول والتنك، وأكثر رقصة يقومون بأدائها في مثل هذه الليلة (الزحفة) ثم ينامون هناك، وفي الصباح يتناولون الفطور عند الجماعة، ثم الغداء عند المضيف. وبعد الغداء يرحل القوم ومعهم العروس والتي تركب بعيرًا في العادة من أهدأ الإبل لئلا يطرحها أرضًا. وفي هذا يحدث قصصا مضحكة - ثم تقام العرضة حتى يتم الرحيل وهناك عند بيت الزوج تقام حفلة الزواج الصاخبة والعشاء مع عدة ذبائح، وتقام تلك الأفراح ثلاث ليال متتابعة ولا تقام مأدبة في الأخيرتين مثل الأولى.
ثم تغيرت تلك العادة؛ إذ يقوم الزوج وجماعته بالحضور عند أهل الزوجة في الصباح الباكر بعرضة طويلة والضيوف فيها كثير جدًّا ويكثر بها الرمي بالرصاص، وبعد الترحيب المعروف. يقول كبير الجماعة:(انقسموا كذا قسم) فينقسم الضيوف إلى عدة فرق، تتبع كل فرقة رجلًا من الجماعة لصحبهم إلى منزلة، فيقدم لهم الإفطار والقهوة والشاي والفاكهة ثم يقوم النّاس بزيارة أهل تلك القرية أو الحي فيشربون هنا القهوة، وهناك عصيرا، وهكذا.
وإني أعتبر تلك العادة التي انقرضت عند معظم بطون شهران أنَّها من أحسن العادات، وقد أخطأ الذين قاموا بتغييرها. إذ كانت أقوى فرصة لتقوية أواصر المحبة والإخاء والتعارف أيضًا.
وكانت هذه الطريقة في جنوب البلاد الشهرانية - وبعد الغداء يخرج الزوج بزوجته راكبا سيارته مخترقا أصوات البنادق وأهازيج العرضات.
وقد انقطعت الآن عادة الحضور من الصباح؛ إذ يقوم الضيوف بالحضور قبل صلاة الظهر أو بعدها ثم يتناولون الغذاء وتزف العروس إلى منزل الزوج، وقد سمجت هذه ومجها الجميع فيا ليت العودة إلى سابقتها، وحذف السيئ منها إن كان فيها ذلك، وقد قلَّت الأفراح فمن ثلاث ليال إلى ليلة واحدة.
أما في بيشة وما صاقبها فيمضي الزوج الليلة الأولى عند أهل الزوجة، في حين تدق النساء الطبول، ويرقصن إلى ما شاء الله من الليل، ويعتبرها الكثير أنَّها سيئة وهي في حالها إلى الانقراض.