للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهواديه، وموافقة مآخيره لمباديه، مع قلة ضروراته بل عدمها أصلًا حتى لا يكون لها في الألفاظ أثر، فتجد المنظوم مثل المنثور في سهولة مطلعه، وجودة مقطعه، وحسن رصفه وتأليفه، وكمال صوغه وتركيبه، فإذا كان الكلام كذلك كان بالقبول حقيقًا والتحفظ خليقًا كقول معن بن أوس (١).

لعمرك ما أهويت كفي لريبة … ولا حملتني نحو فاحشة رجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها … ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي

وأعلم أني لم تصبني مصيبة … من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي

ولست بماشٍ ما حييت لمنكر … من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي

وروى الأصبهاني: أن معن بن أوس المزني سافر إلى الشام وخلَّف ابنته ليلى في جوار عمر بن أبي سلمة وأمه أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنهما، وفي جوار عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما. فقال له بعض عشيرته: على من خلّفت ابنتك ليلى في الحجاز وهي صبية ليس لها من يكفلها فقال:

لعمرك ما ليلى بدار مضيعة … وما شيخها إن غاب عنها بخائف

إن لها جارين لن يغدرا بها … ربيب النبي وابن خير الخلائف

وقال أيضًا وأظنها في عبيد الله بن زياد:

ألا من مبلغ عني رسولًا … عُبيدَ الله إذْ عَجِلَ الرِّسالا

تَعاقَلَ دُونَنَا أبْناءُ ثَوْرٍ (٢) … ونحن الأكثرون حصًى ومالا

إذا اجتمعوا حَضَرْتَ فَصِرْتَ رِدفًا … وراء الماسحين لك السبالا

أبناء ثور هنا هم بنو ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة وهم مزينة، وروى (إذا اجتمعوا حضرتَ فجئتَ ردفًا) والردف هو كل شيء تبع شيئًا ومنه الرديف.


(١) نقل هذا النص من كتاب القطان ص ١٣.
(٢) أبناء ثور هم مزينة العثمانية فقط ولكنهم يطلقون هذا الاسم على كل مزينة وقد يكون من الشرح ورواة الأخبار وإلا فهم قسمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>