يكن قد طلب الأمان على نفسه وسلاحه، وأعطي ذلك من عقيد القوم أو أحد أفراد القوم، أما التربيع فهو أن يلجأ الجاني أو القاتل إلى قبيلة أخرى يطلب الجيرة عندها بعد أن قتل أحد من قبيلة أخرى أو تحل جرما، فإن القبيلة تجيره لمدة سنة وشهرين حتى ينتهي مع القبيلة الطالبة بمخلاص أو يلجأ إلى قبيلة أخرى فيربعونه بنفس المدة، ويمكن تمديد مدة التربيع ولا تستطيع القبيلة الطالبة الاعتداء عليه طالما هو في أمان القبيلة المربعة، وأيضًا إذا دخل الجاني في بيت فإنه آمن بأمان صاحب البيت ولا يستطيع أحد الوصول إليه أو الإساءة إليه طالما هو موجود في البيت، حتى ولو كان جرمه على نفس القبيلة التي منها صاحب البيت، فصاحب البيت معنى بالدفاع عنه حتى خروجه من بيته سالمًا أو يموت دونه.
ومن المعيبات بين القبائل قتل المرأة والمرغل (الأقلف) الذي لَمْ يختن بعد، وكل هذه الأشياء كانت أمورا متعارفا عليها بين القبائل، والكل يلتزم بها ولا تحتاج إلى كتابة أو اتفاقيات فيها بل يكفي فيها الالتزام الشفوي والبلاغات في الأسواق والمجامع العامة التي تلتقي فيها القبائل، ومنها أيضًا عندما تشعر القبيلة بخطر خارجي حتى ولو كانت في حرب فيما بينها فإنها سرعان ما تجتمع وتنبذ الخلافات والحروب الداخلية وتقابل الخطر العام الذي يهددها من غيرها وفي هذا يكفي أن يلتزم الجميع بعدم الاعتداء على بعضهم البعض في وجيه (وجوه) مجموعة منهم فيسري مفعوله حالا.
وأما طريقة الإعلان ونشر الخبر والبلاغ، فيتم ذلك بالتصويت للناس من مكان عال من السوق للحضور فيحضرون للسماع ويقوم الصوت بإبلاغهم الخبر ومضمونه فيتناقله النّاس ويبلغ به الحاضر الغائب.
وهناك من العادات التعاونية الشيء الكثير، فمثلا عندما يفد ضيوف على القبيلة، فمن المعروف أن هناك مكانا يجمع أهل القرية يسمى (الموطاه) إذا كانوا في البادية أو (المسجد) من القرى يجتمع الضيوف في هذه الأماكن وينوه من يشاهدهم من أهل القرية بصوت يعرف منه أن هناك ضيوفا، وذلك بقوله:(يا عيال العون) فيردون عليه بقولهم: (العون يجيك) فيحضرون إلى المكان ويتوزع الضيوف إذا كانوا كثيرين، أما إذا كانوا قلّة فيأخذهم الذي يراهم أولًا.