للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواسم الحجِّ بعد منتصف القرن العاشر الهجري، للأسف لقَّنه هؤلاء الشيوخ في حينه معلومات خاطئة فيما يخص أنساب بعض العناصر الصغيرة التي سوف نصححها تاريخيًا، وهذا لأهداف كامنة في نفوسهم، فكأن يَدَّعي شيخ من بني عطية مثلًا أن الحويطات ما هم إلَّا فرقة من العطاونة وغَلَب عليهم اللقب من التحويط على النخيل، "سبحان الله" وكأن باقي بني عطية لَمْ يُحوِّطوا على النخيل في حينه! وقد ذكر ذلك الجزيري في أثناء سرده قائلًا: إن هناك أحواشًا استجدت للحويطات وغيرهم من بني عطية، فلماذا غيرهم من بني عطية لَمْ يغلب عليهم اللقب من التحويط؟ حقًا هذا هراء واستخفاف بعقول النّاس!!، وكما يَدَّعي أيضًا شيخ بني عطية أن المساعيد. وغيرها من تلك الكيانات القَبَلية التي سوف نوضح عنها ونصححها - يَدَّعي أن مردها أصلًا لبني عطية ويُسِّجِل صاحب الدرر ببساطة!، ثم يجد الجزيري أيضًا شيخا آخر عُقبيا من بني شاكر يَدَّعي ويزعم أن العطيات والعبيات والمساعيد فروع من بني شاكر، أي هنا هذا الشيخ قد خطف المساعيد خطفًا ونسبهم لبني شاكر مثلما خطفهم العطوي ونسبهم لبني عطية!

ثم يجد الجزيري شيخًا آخر طموحًا من بني عُقبة، فلا يكتفي بضم عشائر إلى بني عُقبة بل يلتهم بني عطية كلها بعشائرها والمساعيد ويزعم أن أصلهم لبني عُقبة، والجزيري المسكين يُدوِّن وبثقة في مذكراته ثم ينقلها في مخطوطه "درر الفرائد المنظمة" وكأنه رجل من كبار النسَّابين، وهو لا يدري أنه خلط العناصر في بعضها البعض وقلب الدنيا رأسًا على عقب، وستأتي النّاس بعد موته ليطَّلعوا على ما ورد في مخطوطه وتملؤهم الحيرة والشك والالتباس. وطبعًا كلّ هذا واضح لكل مدقق وباحث متعمق، والجزيري لَمْ يعر أي اهتمام أو تمحيص، وقد نقل عن هؤلاء الشيوخ وهو لا يدري أن ما يكمن في نفوسهم هو شيء واحد وهو إظهار كلّ منهم بأنه هو الشيخ الأهم والأقوى في طريق الحجِّ، وأن أغلبية العشائر هي تابعة لكيانه القبلي هذا كي يخدع هؤلاء الشيوخ بمكر ودهاء أمثال هؤلاء الرحَّالة الحضر، ليتولى الرحَّالة بدورهم إشهارهم وإطراءهم وبيان قوتهم ونفوذهم، ولكثرة فروع كلّ منهم يزيد بالطبع النفوذ والقوة لأي منهم، وهذا لكي يضمن هؤلاء الشيوخ المزيد من العطايا والهدايا والخلع السلطانية من الحكومة المصرية في ذاك الوقت، وكذلك لزيادة الصُرَّة المقدمة إليهم؛ وهي عبارة عن رواتب

<<  <  ج: ص:  >  >>