للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو وأبناؤه فقال له الزبرقان: يا هذا إلى أين تذهب، فقال له الحطيئة: نذهب نلتمس لقمة العيش، فقال له الزبرقان إذا وجدتم من يقريكم التمر واللبن ماذا ترون، قال له الحطيئة: من يجد التمر واللبن ولا يرضى، فقال له الزبرقان: اذهبوا إلى مكان كذا في اليمامة يعني بيته وأعطاه علامة لأهله يوصيهم على إكرام ضيفه وجاره، واتجه الحطيئة بأهله إلى اليمامة المعروفة بالخرج (١) وواصل الزبرقان سيره إلى المدينة ومكث فيها ما مكث وعاد إلى أهله وإذا هم على ما أوصاهم به من إكرام ضيفه وجاوه، وكان في اليمامة بنو قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن ريد مناة بن تميم، وولد قريع بن عوف بن جعفر هم المعروفون ببني أنف الناقة لقبوا بذلك لأن أباهم نحر ناقة فقسمها بين نسائه وأعطى ابنه جعفرا رأس الناقة فأخذ بأنفها فقيل له: ما هذا؟ فقال: أنف الناقة فلقب به، وكانوا يغضبون من هذا اللقب علما بأنهم هم والزبرقان من بطن واحد ولكن لأجل عادات العرب وجهلهم صاروا لا يأخذون من نسائهم ولا يتزوج فهن أحد ولا يزوجون أبناءهم إلا من نسائهم، واستمر الحطيئة في جوار الزبرقان على ما كانوا عليه من الإكرام حتى كبرت بناته ويلغن مبلغ الرشد، ومع مرور الزمن عرف الحطيئة بشاعريته وأنه مفوه وأوعز بنو أنف الناقة إلى زوجة الزبرقان معاملة جيرانها أي الحطيئة وأهله حتى أحسوا منها بالإهانة، وبنو أنف الناقة يلتمسون الفرص لأجل إغراء الحطيئة واستمالته إليهم ويمهدون له الطريق بكل ما يملكون من وسائل الإكرام والعطاء وحلو النبأ، وفي النهاية ثم لهم ما أرادوا وفارق مجاوره الزبرقان بن بدر، وجاور بني أنف الناقة وقال فيهم القصيدة المشهورة التي عدلت اللقب إلى شهرة وأخذت القبائل يتسابقن إلى مصاهرتهم، ومن قوله هذا البيت من قصيدة طويلة:

قوم هم الأنفُ والأذناب غيرهم … ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبا (٢)


(١) اليمامة تشمل: ١ - الرياض والشعيب ٢ - المجمعة وتوابعها ٣ - الزلفي وتوابعه. ٤ - الوشم. ٥ - الأفلاج ٦ - وادي الدواسر والخرج منها بلد اسمه اليمامة وهو الذي اتجه إليه الحطيئة وإلى اليمامة هذه نسبت زوقاء اليمامة المشهورة في حدة النظر. انظر: معجم اليمامة ج ٢ ص ٣٧١. ٤٧٢ - ٤٧٣ - ٤٧٤ - ٤٧٥ ط ١.
(٢) انظر: ديوان الحطيئة ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>