فصاروا بعد هذا البيت يفتخرون بهذا اللقب، فلما علم الزبرقان بفراق جاره عنه ساءه ذلك فذهب إلى الحطيئة وعاتبه عتاب الأخ لأخيه قائلا له كيف أردك من الفلاة والهلاك إلى بيتي وجواري، ولما طال مقامك نسيت ما تقدم من جوار وإكرام وحفاوة ومواساة، فقال فيه الحطيئةِ شعرا يهجوه نورد منه هذا البيت للإشارة فقط:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فشكاه الزبرقان إلى الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ودعاه وحبسه وقال الحطيئة من قصيدة يستعطف بها عمر ويطلب منه العفو:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة … فاغفر سلام الله عليك يا عمر
أنت الأمين من بعد صاحبه … ألفى إليك مقاليد النهى والبشر
لم يأثروك بها إذْ قدموك لها … لكن لأنفسهم كانت بك الخير
فأطلقه عمر والقصة معروفة في كتب الأدب والتاريخ.
نرجع إلى الزبارقة وكان منهم قوم في الأندلس ولهم بها قرية معروفة تسمى الزبارق نسبة إليهم ثم غلبهم عليها النصارى، فانتقلوا إلى طلبيرة فمحلّتهم فيها معروفة بحومة العرب إلى اليوم وهم الذين عناهم الشاعر العربي في مدحه للمنصور بن أبي عامر يهنئه في بعض فتوحاته حيث يقول عن قصيدة طويلة:
فلو شاء أهل الزبرقان تحملوا … فعادوا إلى أوطانهم بالزبارق
يعني موضعهم في بلاد الأندلس المسمى بالزبارق، وحنظلة بن أوس بن بدر وهو ابن أخ للزبرقان أسر هوذة بن علي الحنفي. ومن بني عطارد بن عوف، كرب ابن صفوان بن شجنة الذي كان يجيز بأهل الموسم، وعمة عوير بن شجنة الذي يقول فيه امرئ القيس:
عوير ومن مثل عوير ورهطه … أبر بإيمان وأوفى بجديران
ومنهم بكير بن الوساج والي خراسان، وابنه محمد عن بكير لحق بالترك