للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يتقلد في وقت الزينة سيف هرقل ملك الروم ويلبس درة بهرام ملك الفرس وهما مما أصابهما من الغنائم في حروب فارس وشهد فتح دمشق وأكثر فتوحات العراق كما مر بنا.

وبعد مصرع النُّعمان بن المنذر ملك العرب من قبل الفرس (١) طارت أفئدة الأعداء هلعا فجمع رستم الملوك والأساورة وملوك الديلم في خيمة وأخذ يحرضهم على العرب فقاموا واستعدوا ورتبوا صفوفهم وجعل رستم ملوك الفُرس عن يمينه وملوك الديلم عن شماله وثبت هو في القلب ودار به الأساورة فلما جن الليل هرب من معسكر رستم جماعة إلى معسكر المسلمين فلما أصبح وعلم بالخبر طلبهم من المسلمين فأبوا أن يردوهم حيث إنهم لاجئون إليهم، فغضب وأمر جنوده وجيوشه في الزحف إلى المسلمين فرآهم القعقاع بن عمرو فقال يخاطب القائد سعد بن أبي وقاص: أيها الأمير قد تقدمت الأعداء والفيلة أمامهم ولا مقام لخيل العرب عند رؤيتها وصياحها فثبتهم سعد وأوصاهم فجاءت الفيلة كأنها جبال وعلى ظهورها الأبطال من العدو فقتلت من معسكر المسلمين ولم تثبت لها خيولهم فلما كفي الله المؤمنين شر الفيلة أخذ سعد يحرض على القتال فلقيه الأسود العنسي (٢) وهو طائش العقل فسأله ما وراءك يابن قيس. فقال: أيها الأميرِ إياك أن تعبر للصف فإن فيه الموت الأحمر يعني رجلا فارسًا جبارا من الفُرس وقد قتل أربعين من المسلمين فوبخه سعد ولم يكد ينتهى حتى لقيه ابن جعفر وقد تغير لونه فقال ما وراءك يا أبا جعفر؟ فقال: الثعبان الأغبر فارجع أيها الأمير فهو فارس علج عنيد، وقبل أن ينتهى تقدم سعد العشيرة فسأله كما سأل صاحبيه من قبل فقال: ورائي رجل جبار لا يقاتل، وتلاه بشر بن ربيعة مصفر اللون من هول ما رأي فقال ما وراءك يا ابن ربيعة فقال ما قصر القعقاع بن عمرو وهو يفرق الكتائب ويصدم المواكب فقال: لله درك يا ابن عمرو وأين فارس الفُرس وكيف تخلص من يدك فقال: أيها الأمير لولا إنَّه دخل الصفوف لسقيته كأس الحتوف وغاص في وسط الخيل ولم أبلغ منه النيل: وفي اليوم الثاني كان أول من فتح


(١) انظر: فتوح الشام للواقدي ج ٢ ص ١٢١ - ١٢٢.
(٢) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>