للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب رستم وقد طلب البراز فخرج إليه اثنان من معسكر المسلمين فصرعهما فأراد القعقاع أن يخرج إليه وإذا بفارس قد أقبل عليه كأنه الصاعقة فصاح برستم صيحة أدهشته ثم طعنه في خاصرته حتى أطلع السنان من الناحية الثانية فظهر إليه سعد ابن أبي وقاص وإذا به أبو محجن الثقفي الذي سبق وأن أقام عليه سعد الحد بالأمس في شرب المسكر ولما انتشل القعقاع من كاد أن يغرق المسلمين قال الناس متعجبين من بطولته وبطولة كتيبته، لأهوال فعلها في الأعداء: تعجز النساء أن تلد مثل القعقاع (١)، وفي أثناء ذلك حاصر خالد بن الوليد الحيرة ورأى أنه بحاجة إلى نجدة وطلب من الخليفة أبي بكر أن يمده بقوة فمده بالقعقاع وهو الذي غنم في فتح المدائن درع كسرى ملك الفُرس وكان فيها درع لهرقل ملك الروم ودرع لخاقان ملك الترك وثالث للنعمان بن المنذر ملك الحيرة. وله في ذلك مواقف مشرفة حيث قاد جيوش المسلمين في فتح اليرموك (٢)، ومما يؤثر عنه أن خالد بن الوليد القائد العام لجيوش المسلمين لفتح الحيرة طلب من الخليفة أبي بكر - رضي الله عنه - أن يمده بمدد من المقاتلين فأمده بفرقة تحت قيادة القعقاع بن عمرو التميمي وقال الخليفة كلمته المشهورة "لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمرو إن شاء الله"، وهذه شهادة من الخليفة لأنه كان السبب بعد الله في انهزام الفُرس وكسر حدتهم في إرهاب الفيلة لأنه لما تراءى الجمعان من المسلمين والفُرس قصد الفيل الأبيض وهو كبير الفيلة وشيخها فقطع مشفره بسيفه (٣) - فكانت الدائرة على العدو ولما حمل عليهم وغاص في الأعداء كأنه الصاعقة وقلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة كما فعل زياد بن أبيه فولت الفُرس منهزمين شر هزيمة عرفها التاريخ في الفتوحات الإسلامية وتابعهم فرسان المسلمين يقتلون ويسلبون ويغنمون. ومعه سيف كسرى ودرع داهز ملك الهند اللذين استلبهما من الفُرس أيام غزوهم لهرقل وأعطاه فوقه درع بهرام ووزع باقيها على المجاهدين المسلمين إلا سيف كسرى فقد بعث بها إلى عمر بن الخطاب لتسمع العرب بذلك، فقال عمر لما رآها: والله إن قومًا أدوا هذا لذو أمانة فقيل له إنك عففت فعفت رعيتك.


(١) انظر: تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٢٨.
(٢) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٤٢.
(٣) انظر: المصدر السابق ص ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>