للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لا عهد للعرب بمثله و ٣٣ فيلا فلما وصلوا إلى القادسية حيال المعسكر الإسلامي كان الخوف يختلع قلوب المسلمين لكثرة أعدائهم لولا رعاية الله فيهم حيث أنزل السكينة على قلوبهم وألقى الرعب في قلوب أعدائهم فأرسل رستم القائد العام للفُرس إلى قائد المسلمين طالبًا الصلح قائلًا: كنتم جيراننا وكنا نحسن إليكم ونحفظكم، فقال زهرة: ليس أمرنا بذلك وإنما طلبنا الآخرة (١) وقد كنا كما ذكرت إلى أن بعث الله فينا رسولا دعانا إلى دين الحق فأجبناه، وقال قد سلطتكم على من لم يدن بدين الحق فإن الله منتقم بكم منه. فقال رستم: وما دين الحق الذي تشير إليه. فقال زهرة: الشهادتان وإخراج الناس من عبادة الخلق إلى عبادة الخالق. فقال رستم: فإن أجبنا إلى هذا ترجعون. فقال زهرة: أي والله، فانصرف عنه رستم ودعا رجال فارس وعرض عليهم الصلح فأنفوا واستكبروا، فلم يسع كتائب الإسلام والمسلمين إلا أن تندفع مكبرة مهللة ثم انجلت المعركة عن قتل رستم قائدهم العام فقام نائبه الجالينوس وحرض الفُرس على الثبات فأين لهم ذلك وقد ذابت قوتهم المعنوية.

وفي تلك الساعة الرهيبة خرج زهرة كالرعد القاصف والبرق الخاطف - يعدو وراء الجالينوس فلحقه يسابق المنهزمين في الفرار فطعنه طعنة نجلاء كانت آخر وسام ناله من الدنيا واستولى على جميع سلب صريعه القائد الفارسي. ويقول الطبري (٢): بلغ السلب بضعا وسبعين ألفا وكان الجالينوس على برذونة فاخرة بالزينة، أما زهرة فما كان عنان فرسه إلا من حبل منضود كالمقود وكذلك حزامها شعر منسوج.

وفي هذه القصة وبسبب استيلاء زهرة على سلب القائد الفارسي غضب سعد بن أبي وقاص على زهرة فعز على القائد العام أن يستولى مرؤوسه على سلب القتيل العظيم وكان الواجب أن يترك الغنيمة مع بقية الغنائم ثم يوزع على الجيوش الإسلامية كل مجاهد بما يستحق فمنع عن زهرة عطاءه. وكتب إلى عمر


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٥٠.
(٢) انظر: تاريخ الطبري ج ٤ كما أشار بذلك ابن مزروع والأزهري: انظر: بني تميم في المصدر السابق ص ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>