للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك وأدهى إذ تيقنوا أن الهدف الأكبر لبني أمية هو التخلص من الحسين نفسه ثم التمثيل برأسه بعد مصرعه ويعرفون أن سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الشهيد الذي نبأ به جده.

١٢ - وفي أحد الأيام كان معاوية بن أبي سفيان جالسا وعنده وجوه بعض القبائل إذ دخل عليه رجل من أهل الشام من أنصاره وشيعته فقام خطيبا وأخذ يلعن أبا الحسين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأطرق الناس وفيهم الأحنف بن قيس ولم يطق صبرا على هذا النفاق المفضوح فقال يخاطب معاوية ويوبخه توبيخا لاذعا؛ حيث قال: يا أمير المؤمنين إن هذا القائل إن علم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم فاتق الله ودع عنك عليا فقد لقي ربه وأفرد في قبره وأفرد في عمله، وكان والله مبرازا (١) في سبقه طاهر القلب والبدن ميمون النقيبة عظيم المصيبة، فقال معاوية: يا أحنف لقد أغضبت العين على القذى أما والله لتصعدن المنبر ولتلعنن عليا طوعا أو كرها، فقال الأحنف: إن تعفني خير لك وأن تجبرني على ذلك فوالله لا تجدني به شقيا أبدا. قال معاوية (٢) وما أنت قائل إن أجبرتك. قال الأحنف: أحمد لله وأصلي على نبيه محمدا ثم أقول: إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن عليا، وقد اقتتل علي ومعاوية واختلفا وادعى كل منهما أنه مبغي عليه فإذا دعوت فأمِّنوا رحمكم الله، اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية أمنوا رحمكم الله، لا أزيد على هذا ولا أنقص يا معاوية ولو كان فيه ذهاب نفسي.

وهذا مما يدل على منزلة بني تميم عند الخلفاء والحكام حيث قال له معاوية: قد أعفيناك يا أبا صخر (٣) وهكذا برهن بنو تميم في كل مناسبة على وفائهم وجرأتهم التي وراءها المصائد للأهواء لما يراد للبشر إذا وجدوا ذلك. ولا ننسى أن الرجال تعرف بعضها وإلا كيف أن أمير المؤمنين معاوية الذي بيده السلطة والقوة النافذة يقدر رجلا واحد من العرب لأجل قيمته ومنزلته بين قبيلته ولا تنقص من


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٦٤.
(٢) انظر: المصدر السابق ص ٦٤.
(٣) انظر: نهاية الأرب للنويري ص ٧٨، ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>