فبلغت أبياته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"من لقي كعبًا فليقتله" وأهدر دمه وكتب بذلك بجير إليه ويقول له النجاء. ثم كتب إنه لا يأتيه أحد مسلمًا إلا قبل منه وأسقط ما كان قبل ذلك فأسلم كعب وقدم حتى أناخ بباب المسجد قال: فعرفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصفة فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت ثم قلت: الأمان يا رسول الله أنا كعب بن زهير "قال: أنت الذي تقول" والتفت إلى أبي بكر فقال كيف؟ قال: فذكر الأبيات الثلاثة فلما قال فأنهلك المأمور. قلت: يا رسول الله ما هكذا قلت: وإنما قلت المأمون قال "مأمون والله" وأنشده القصيدة التي أولها: بانت سعاد، ونجاء في لفظ عن سعيد بن المسيب. قال: لما انتهى إلى كعب بن زهير قتل ابن خطل وكان بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوعده بما أوعد به ابن خطل. قيل لكعب إن لم تدارك نفسك قتلت، فقدم المدينة فسأل عن أرقِّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدُلَّ على أبي بكر فأخبره خبره فمشى أبو بكر وكعب فمدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يده فبايعه وأسفر عن وجهه فأنشده قصيدته هذه: بانت سعاد فقلبي اليوم مَتْبُولُ.
وقال ابن إسحاق: ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب يخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل رجالًا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فِطِرْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقتل أحدًا جاءه تائبًا مسلمًا وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجاتك، وكان بجير قد قال لكعب:
من مبلغ كعبًا فهل لك في التي … تلوم عليها باطلًا وهي أحزم
إلى الله لا العُزَّى ولا اللات وحده … فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس مفلت … من الناس رلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه … ودين أبي سلمى علي محرم
فلما بلغ كعبًا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان حاضره من عدوه فقال هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدًّا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جُهينة كما ذكر لي فغدا