وهي أطول من ذلك. فكساه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بردته واشتراها معاوية بن أبي سفيان من آل كعب بن زهير بعده بمالٍ كثير وبقيت إلى عهد خلفاء بني العباس يتوارثونها ويصلون بها صلاة الأعياد. فلهذا سميت هذه القصيدة بالبردة. فلما خرجت قصيدة البردة للبوصيري التي أنكرها العلماء عليه لغلوه فيها غلوًّا فاحشًا حيث يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به … سواك عند حلول الحادث العمم
في قصيدة طويلة كلها من هذا النوع، ردّ عليه علماء السلف فيها ردًّا مفحمًا ثم خرجت قصيدة أخرى لأحمد شوقي سميت نهج البردة وغنتها أم كلثوم أيضًا. أقول عندما خرجت هذه القصيدة سميت قصيدة كعب ببانت سعاد.
قال مؤلفه: وفي ابتداء كعب بالشعر يروي لنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا عمر بن علي حدثنا زكريا هو ابن أبي زائدة الشعبي قال: أنشد النابغة الذبياني الغطفاني النعمان بن المنذر:
تراك الأرض أمامت حقا … وتحيي ما حييت بها ثقيلا
فقال له النعمان: هذا البيت إن لم تأت بعده ببيت يوضح معناه وإلا كان إلى الهجاء أقرب، فتعسر على النابغة النظم، فقال له النعمان: قد أجلتك ثلاثًا فإن قلت فلك مائة من الإبل العصافير وإلا فضربة بالسيف بالغة ما بلغت. فخرج النابغة وهو وجل فلقيه زهير بن أبي سُلمى المزني فذكر له ذلك فقال: اخرج بنا إلى البرية فتبعهما كعب فرده زهير فقال له النابغة: دع ابن أخي يخرج معنا وأردفه فلم يحضرهما شيء فقال كعب للنابغة ياعم ما يمنعك أن تقول: