بعض العرب المنضمين إلى الفُرس، فتضاربا فقتله القعقاع. وجعلت خيله ترد إلى الليل وتنشط المجاهدين، ولم يمض غير قليل حتى انكسرت الأعاجم، ثم طلب القعقاع البراز مرة أخرى، فخرج إليه اثنان من الفُرس، فانضم إلى القعقاع أحد المسلمين، فقتل المسلمان الفارسين، فصاح القعقاع: يا معشر المسلمين. باشروهم بالسيوف، فإنما يحصد الناس بها، فأكثر المسلمون القتل في أعدائهم ولم يقاتلوا هذا اليوم على شيء من الفيلة؛ لأن توابيتها كانت قد تكسرت.
ورأى القعقاع أن يتشبه بالفُرس في أفيالهم، فدعا بني عمه، فركبوا عشرة عشرة، على إبل قد ألبسوها وهي مجللة، مبرقعة ليوهموا الفُرس أنها فيلة، ثم أطافت خيولهم بهذه الإبل لحمايتها، ثم هجم بها على خيل الفُرس، ففعلوا بأعداء الإسلام ما فعلوه بالمسلمين في اليوم السابق، وأخذت خيول الفُرس تفر بمن عليها من جنودهم وركبتها خيول المسلمين، فلما رأى المسلمون هذا كان سرورهم عظيما لهذه الحيلة الحربية الموفقة، التي هجم بها القعقاع ثلاثين مرة، وفي اليوم الثالث أخذ الفُرس يحملون على المسلمين بالفيلة، بعد أن أصلحوا توابيتها، وأحاط أبطالهم بها حتى لا يقطع المسلمون وضنها، فلما رأى سعد أن الفيلة تفرق كتائب المسلمين إرسل إلى (الأخوين البطلين) اكفياني الفيل الأبيض وكانت بقية الفيلة تألفه وتأتنس به فلا تفر، فحمل القعقاع وعاصم فوضعا رمحيهما في عين الفيل الأبيض، فنفض رأسه، وطرح من عليه، ودلي مشفره فضربه القعقاع فرمى به، وقتل من كانوا عليه، فأسرعت بقية الفيلة إلى الفرار.
وبعد سقوط المدائن في يد المسلمين خرج (القعقاع بن عمرو)(١) في طلب المنهزمين، فلحق بفارس من الفُرس وهو يكر على قوم من المسلمين وقد جزعوا منه، وما أحد منهم يدنو إليه، فقصده القعقاع بشدة عزمه، وطعنه فقتله، ووجد معه حقائب مغلقة ففتحوها، فإذا في حقيبة خمسة أسياف، وفي الأخرى خمسة أسياف محلاة بالذهب ودرع كسرى، ومغفره، ومنطقته، ودرع هرقل ملك الروم، ودرع خاقان ملك الترك، ودروع جماعة من الملوك قد جمعها كسرى من أيام