ولما انتشل القعقاع من كاد يغرق من المسلمين قال الناس متعجبين لبطولته، وبطولة كتيبة الأهوال: عجزت النساء أن تلد مثل القعقاع (١).
ولما حاصر خالد بن الوليد الحيرة رأى أنه في حاجة إلى نجدة، فطلب مددا من الخليفة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فأمده بالقعقاع، وهو الذي غنم في فتح المدائن دروع كسرى ملك الفُرس، وكان فيها درع لهرقل ملك الروم، ودرع لخاقان ملك الترك، وثالث للنعمان بن المنذر ملك الحيرة، ومعه سيفه وسيف كسرى ودرع داخر ملك الهند، استلبها الفُرس أيام غزوهم هؤلاء الملوك، فأحضر القعقاع كل هذه عند سعد فخيره بين الأسياف، فاختار سيف هرقل، وأعطاه فوقه درع بهرام، ووزع باقيها على المجاهدين إلا سيف كسرى والنعمان، فقد بعث بهما إلى الخليفة عمر لتسمع العرب بذلك، فقال عمر لما رآها: إن قوما أدوا هذا لذو أمانة! فقال علي: إنك عففت فعفت الرعية.
فلما جمعت الغنائم قسمها سعد بين الناس بعد أن أخذ منها خمسها لبيت المال وكان المجاهدون ستين ألفا كلهم من الفرسان، فنال الفارس منها ٠٠٠. ١٢ دينار.
وفي (موقعة جلولاء) كتب عمر بن الخطاب إلى سعد أن يجعل على مقدمة الجيش القعقاع، وإن هزم الله الفُرس فيكن بين السواد والجبل.
ولما انتهى القعقاع من الوجه الذي زحف فيه إلى باب خندقهم، كانت هزيمة الأعداء منكرة، ويكفي للدلالة على عظمتها أن من قتل منهم يومئذ بلغ مائة ألف، فجللت القتلى المجال بين يديه وما خلفه، فسميت الوقعة (وقعة جلولاء) وحسب القعقاع أنه اشترك بعد هذا في فتح تكريت والموصل وقرقيسا وما تلاها.
وفي صباح اليوم الثاني من فتح القادسية قسم قومه التميميين عشرات، وكانوا ألفا، وأمرهم بالمسير، فكلما بلغ عشرة مدي البصر تبعتهم عشرة أخرى، بعد أن حرضهم على الجهاد وقال: اصنعوا كما أصنع، وطلب البراز فخرج إليه