منهم بطوقه، وضرب بطبله ثم وقف فحمل عليه الأحنف، فاختلفا طعنتين فقتله الأحنف وخرج إليه ثان فقتله، ثم انصرف إلى عسكره، ولم يعلم بذلك أحد منهم حتى دخله، واستعد لبدء المعركة.
وقال خاقان لأصحابه: قد طال عقامنا، وقد أصاب هذا الجنديان بمكان لم يصب بمثله قط، ما لنا في قتل هؤلاء العرب من خير، فانصرفوا بنا، فلما انسحبوا من موقعهم قال المسلمون للأحنف: ما ترى في اتباعهم؟
قال: أقيموا بمكانكم ودعوهم.
وثار جند فارس على ملكهم يزدجر وأخذوا خزائنه وكتبوا للأحنف بذلك، ثم أقبلوا عليه فصالحوه وعاقدوه ودفعوا إليه تلك الخزائن والأموال وتراجعوا إلى بلدانهم، ولكن في زمن الخليفة عثمان، خلع أهل خراسان وعاد يزدجر إلى مرو واختلف معه أهلها فآوى إلى طاحونة فأتوا عليه فقتلوه، وبلغ ذلك الأحنف، فسار من فوره في الناس إلى بلخ يريد خاقان الترك الذي ترك بلخ وعبر النهر فاحتلها.
وفي سنة ٢٨ هـ جعله عثمان على مرو. وفي سنة ٣١ هـ جهز أمير البصرة جيشا على مقدمته الأحنف، فلقيه الهياطلة الفُرس فقتلهم وهزمهم، وفي سنة ٣٢ هـ بعثه أمير البصرة إلى مرو الروذ في خراسان، فحصرها، وخرج أهلها لمقاتلته فهزمهم حتى اضطرهم إلى حصنهم حيث يشرف على تحركاتهم.
فقال الفُرس: يا معشر العرب، ما كنتم عندنا كما نرى، ولو علمنا أنكم كما نرى لكانت لنا ولكم حال غير هذه، فأمهلونا ننظر يومنا وارجعوا إلى عسكركم.
فرجع الأحنف، ولما أصبح غاداهم، وقد أعدوا له الحرب وخرج رجل من العجم فقال: أنا رسول فأمّنوني.
فأمّنوه فإذا هو رسول من حاكم مرو يحمل كتابا إلى الأحنف، هذا نصه:
إلى أمير جيش العرب: إنا نحمد الله الذي بيده الدول، يغير ما شاء من الملك ويرفع من شاء بعد الذلة ويضع من شاء بعد الرفعة، وأنه دعاني إلى