للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي معركة طخارستان، كان مع الأحنف أربعة آلاف مقاتل وقد جمع له العدو ثلاثين ألفا، ورفض الأحنف أن يستنصر مشركي مرو، وبدأ قتاله ليلا حتى ذهب عامة الليل، وهُزم المشركون، وتشتت شمل الثلاثين ألفا.

وفي سنة ٣٢ هـ لما عاد الأحنف من الحرب محملا بالنصر والهدايا إلى البصرة، قال الناس لأميرها: ما فتح الله على أحد ما قد فتح عليك.

وفي سنة ٥٩ هـ وفد عبيد الله بن زياد في أهل العراق على معاوية بن أبي سفيان، فقال معاوية: أدخل وفدك على منازلهم وشرفهم.

فأذن لهم ودخل الأحنف في آخرهم وكان غير حسن المنزلة عند عبيد الله - لما نظر إليه معاوية، رحب به، وأجلسه معه على سريره، ثم تكلم القوم فأحسنوا الثناء على عبيد الله بن زياد، والأحنف ساكت غير مشارك في الثناء، فقال له معاوية: مالك يا أبا بحر لا تتكلم .. ؟

قال: إن تكلمت خالفت القوم.

فقال معاوية: انهضوا فقد عزلته عنكم، واطلبوا واليا ترضونه، فلم يبق أحد في الوفد إلا ذكر رجلا من بني أمية أو من أشراف أهل الشام، ولبثوا أياما، ثم أحضرهم معاوية، فقال: من اخترتم .. ؟ فاختلفت كلمتهم وسمى كل فريق مرشحه، والأحنف ساكت، فقال له معاوية: مالك يا أبا بحر لا ترشح .. ؟

قال: إن وليت علينا أحدا من أهل بيتك، لم نعدل بعبيد الله بن زياد أحدا، وإن وليت من غيرهم فانظر في ذلك.

قال: فإني قد أعدته عليكم.

ثم أوصى عبيد الله بالأحنف، وقبح رأيه في مباعدته، فلما هاجت الفتنة في البصرة ضد عبيد الله، لم يف له غير الأحنف وذلك حين علم عبيد الله بوفاة يزيد بن معاوية جمع أهل البصرة وأخذ بيعتهم بالخلافة لنفسه، فلما خرجوا من داره جلوا يمسحون أكفهم بباب الدار وحيطانها ويقولون: ظن ابن مرجانة إنا نوليه أمرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>