ثم وصل الصرة سلمة اليربوعي يدعو إلى بيعة عبد الله بن الزبير.
فجمع عبيد الله بن زياد الناس وقال لهم: هذا سلمة يدعو إلى الخلاف عليكم محاولا أن يفرق جماعتكم ويضرب بعضكم جباه بعض بالسيوف فقام الأحنف منتصرا له وقال: نحن نأتيك بسلمة.
وبعد تسعين يوما من موت يزيد خرج عبيد الله بن زياد إلى الشام، واستخلف مسعود بن عمرو الأزدي على البصرة، فلم ترض تميم وقيس به، واجتمعت تميم إلى الأحنف فقالوا: إن الأزد قد دخلوا المسجد، فقال: إنما هو لكم ولهم وأنتم تدخلونه.
وهجم علج يقال لهم مسلم - من أهل فارس - وقتل مسعودا، فثارت الأزد وهجموا علي بني تميم، فخرج إليهم الأحنف وهو يقول: اللهم أحقن دماءنا وأصلح ذات بيننا، وبعد قتال شديد بين الطرفين قال للأزد:
الله، الله، يا معشر الأزد، في دمائنا ودمائكم، بيننا وبينكم القرآن ومن شئتم من أهل الإسلام، فإن كانت لكم علينا بينة إنا قتلنا صاحبكم فاختاروا أفضل رجل فينا فاقتلوه بصاحبكم، وإن لم تكن لكم بينة، فإنا نحلف بالله ما قتلناه ولا أمرنا بقتله ولا تعرف قاتله، وإن لم تريدوا ذلك فنحن ندفع مائة ألف درهم دية.
فرضي الأزد واصطلحوا فجاءهم الأحنف فقال: يا معشر أزد، أنتم جيراننا في الدار وإخواننا عند القتال، وقد أتيناكم في رحالكم لإطفاء حشيشكم وسل سخيمتكم ولكم الحكم مرسلا فقولوا على أحلامنا وأموالنا، فإنه لا يعاظمنا ذهاب شيء من أموالنا كان فيه صلاح بيننا.
فقالت الأزد: ادفعوا لنا عشر ديات، فقال الأحنف: هي لكم، وهكذا انصرف الناس وتسلموا وهدأ المربد وجنبه الأحنف معركة هائلة حين دفع للأزد ألف بعير دية، رغم أن أحدا من بني تميم لم يقتل مسعودا.
ومرة قال معاوية بن أبي سفيان للأحنف ورجال من بني سعد كلاما خشنا