ذا شر وشدة وشكيمة وبلاء على الناس، فلما ولدته سنة ٣٠ هـ سمته جريرا باسم الحبل الذي رأت أنه خرج منها.
قيل للشاعر ابن مناذر بمكة: من أشعر الناس؟
قال: من إذا شئت لعب، ومن إذا شئت جد؛ إذا لعب أطمعك لعبه فيه، وإذا ما رمته بعد عليك، وإذا جد فيما قصد له آيسك من نفسه.
قيل: مثل مَنْ من الشعراء؟
قال: جرير حيث يقول إذا لعب:
إن الذين غدو بلبك غادروا … وشلا بعينيك لا يزال معينا
غيض من عبراتهن وقلن لي … ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟
ثم يقول حين جد:
إن الذي حرم المكارم تغلبا … جعل النبوة والخلافة فينا
مضر أبي وأبو الملوك منهل لكم … يا خزر تغلب من أب كأبينا
هذا ابن عمي في دمشق خليفة … لو شئت ساقكم إلى قطينا
ولما بلغ عبد الملك بن مروان خليفة الشام، قول. جرير، قال: ما زاد ابن المراغة على أن جعلني شرطيا له، أما إنه لو قال (لو شاء ساقكم إلى قطينا) لسقتهم إليه كما قال، وهذه الأبيات هجا بها جرير الأخطل الشاعر التغلبي، وقوله فيها (جعل النبوة والخلافة فينا) إنما أراد أنه تميمي النسب، وتميم ترجع إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان - جد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقريش وبنو تميم ينتسبون إلى خندف من مضر.
ثم دخل جرير على الخليفة فأنشده قصيدته التي منها:
أتصحوا أم فؤادك غير صاح … عشية همّ صحبك بالرواح
تقول العاذلات علاك شيب … أهذا الشيب يمنعني مزاح
وفيها بيت المدح الرائع:
ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح