ولهذا التعظيم من الفرزدق لأبيه غالب قصص أدبية طريفة. وقد وفد غالب ومعه همام صبيا على الإمام علي سنة ٣٦ هـ فنصحه الإمام بأن يعلمه القرآن، فقيد الفرزدق نفسه حتى حفظ القرآن.
بينما كان الفرزدق يجلس إلى الفقيه الإمام الحسن البصري إذ جاء رجل فقال يسأل الحسن: يا أبا سعيد، إنا نكون في هذه البعوث والسرايا فنصيب المرأة من العدو وهي ذات روج، افتحل لنا من غير أن يطلقها زوجها .. ؟
فقال الفرزدق:
وذات حليل أنكحتها رماحنا … حلال لمن يبني بها لم تطلق
فقال الإمام الحسن: صدقت.
ثم أقبل رجل آخر يسأل: يا أبا سعيد ما تقول في الرجل، يشك في الشخص، يبدو له، فيقول والله هذا فلان، ثم لا يكون هو، ما ترى في قسمة … ؟
فقال الفرزدق:
ولست بمأخوذ بقول تقوله … إذا لم تعمد قائلات العزائم
فقال الإمام الحسن: صدقت.
وكان همام عدوا لزياد بن أبيه قال: بقيت إذا نزل زياد البصرة نزلت الكوفة، وإذا نزل الكوفة نزلت البصرة وجعل من كان يؤويني يخرجني من عنده، حتى ضاقت علي الأرض، حتى فعل ذلك معي أخوالي بني ضبة.
ومرة كنا في طريق فسايرنا سبع مفترس. فقلت:
ما كنت أحسبني جبانا بعدما … لاقيت ليلة جانب الأنهار
فلأنت أهون من زياد جانبا … اذهب إليك محرم الأسفار
فلما سمعها زياد عفا عنه وأمنه، ورأى الفرزدق أن يجعل المدينة المنورة مسكنه، إلى أن هلك زياد.