ورأى أنه من قصر النظر أن يعاند الحجاج وفي قبضته سلطة بني أمية فآثر الرحيل وقال:
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي … و (قومي تميم) والفلاة ورائيا
أو كقوله يفخر بنفسه:
أنا قمر السماء على الثريا … ونحن الأكثرون حصى ونابا
وقال الفرزدق يناقض جريرا في افتخاره:
وإن ثياب الملك في آل دارم … همو ورثوها لا كليب النواهق
ثياب (أبي قابوس) أرثها ابنه … وأورثناها عن ملوك المشارق
وإنَّ ثيابي من ثياب محرق … ولم أستعرها من معاع وناعق
ومن قوله أيضًا في ذكر أحباب له وجيران أوفياء وقد رحلوا عنه ولم يبق في منازلهم إلا ذكراهم الطيبة وتاريخهم المجيد حيث قال:
حي المنازل إذ لا نبتغي بدلا … بالدار دارا ولا الجيران جيرانا
ياحبذا جبل الريان من جبل … وحبذا ساكن الريان من كانا
وحبذا نفحات من يمانية … تأتيك من قبل الريان أحيانا
لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت … أسباب دنياك من أسباب دنيانا
إن العيون التي في طرفها حور … قتلننا ثم لم يحيينا قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك له … وهن أضعف خلق الله إنسانا
وحضر الفرزدق يوما عند الخليفة سليمان بن عبد الملك فأنشد (١):
وركب كأن الريح تطلب عندهم … لها ترة من جذبها بالعصائب
إذًا آنسوا نارا يقولون أنها .... - وقد حضرت أيديهم - نار غالب
فاعرض سليمان كالمغضب لأنه أراد أن يكون الشعر مدحا له لا لغالب.
(١) أعلام تميم ص ٥٦١.