وقال ابن الأثير في الكامل ج ٣ ص ٣ قال: نفرت الأعاجم بكتاب يزدجرد فاجتمعوا بنهاوند على الفيرزان في خمسين ألفًا ومائة ألف مقاتل وكان سعد كتب إلى عمر بالخبر ثم شافهه به لما قدم عليه. وقال له إن أهل الكوفة يستأذنونك في الانسياح وأن يبدأوهم بالشدة ليكون أهيب لهم على عدوهم. فجمع عمر الناس واستشارهم. وقال لهم: هذا يوم له ما بعده وقد هممت فيمن قِبَلي ومن قدرت عليه فأنزل منزلًا وسطًا بين هذين المصرين ثم أستنفرهم وأكون لهم ردءًا حتى يفتح الله عليهم ويقضي ما أحب فإن فتح الله عليهم صببتهم في بلدانهم. فقام طلحة بن عبيد الله فتكلم، ثم قام عثمان فتكلم، ثم قام علي فتكلم وأجاد فقال عمر: هذا هو الرأي كنت أحب أن أتابع عليه فأشيروا علي برجل أوليه ذلك الثغر وليكن عراقيا "أي من جند العراق" فقالوا: أنت أعلم بجندك وقد وفدوا عليك ورأيتهم وكلمتهم. فقال: والله لأولينّ أمرهم رجلًا يكون أول الأسنّة إذا لقيها غدًا. فقيل: من هو؟ فقال: هو النعمان بن مقرن المزني فقالوا: هو لها. وكان النعمان يومئذ معه جمع من أهل الكوفة، قد اقتحموا جند نيسابور والسوس فكتب إليه عمر، وهذا لفظ كتابه عن الطبري: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى النعمان بن مقرن سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فإنه بلغني أن جموعًا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبعون الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين ولا توطئهم وعرًا فتؤذيهم ولا تمنعم حقهم فتكفرهم، ولا تدخلنهم غيضة فإن رجلًا من المسلمين أحب إليَّ من مائة ألف دينار والسلام عليك. أ هـ. رجعنا إلى رواية ابن الأثير. ثم كتب عمر إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان ليستنفر الناس مع النعمان كذا وكذا، ويجتمعوا عليه بماه (وهو موضع)، فندب الناس فكان أسرعهم إلى ذلك الروادف (١) ليبلوا في الدين وليدركوا حظا. فخرج الناس منها وعليهم حذيفة بن اليمان ومعه نعيم بن مقرن حتى قدموا على النعمان واجتمع الناس على النعمان. وفيهم حذيفة بن اليمان، وابن عمر، وجرير بن عبد الله البجلي، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم. فأرسل النعمان طليحة بن خويلد، وعمرو بن معد يكرب، وعمرو بن ثني وهو ابن أبي سلمى. ليأتوه بخبر الأعاجم، فخرجوا
(١) الذين لم يشهدوا المشاهد الأولى لصغر أو تأخر إسلام.