وأرسلوا الرواة في البلاد تلتمس لهم، وكان روادهم رجل من بني عمرو بن الغوث خرج لهم مرشدا إلى أخوتهم همدان، فرأى بلدا ضيقة لا تقوم مراعيها ومياهها بماشيتهم، وكان من روادهم أيضًا عائذ بن عبد الله بن نصر الأزدي، فخرج رائدا فرأى بلدا تحملهم ولا تقوم مياهها و مراعيها بماشيتهم، مع ما فيها من كثرة أهلها قال: فأقاموا في أزال وبريدة وما حولها، ترعى خيلهم ونعمهم وماشيتهم وصلح لهم الطلوع إلى الجبال، وهبطوا منها في تهامة وغلبوا غافقا عليها، فأقاموا بتهامة ما أقاموا، ثم ساروا إلى الحجاز فرقا فرقا، فسار كل فخذ إلى بلد، فمنهم من نزل بالسراة ومنهم من أقام بمكة وما حولها ومنهم من سار إلى مصر ثم إلى العراق والشام، ومنهم من سار إلى عُمان، قال: فأما من سكن عُمان من الأزد: فيحد والحداب ومالك، وأما من سكن العراق: فجزيمة بن الوضاح وولده عبد الله بن الأزد، وأما من سكن الشام: فجفنة، وأما من سكن المدينة: فالأوس والخزرج، وأما من سكن مكة ونواحيها: فخُزاعة (١)، وأما من سكن السراة: فبجيلة بن أنمار بن أرش بن خَثْعم بن أنمار بن أراش، ومن الأزد الحجر ولهب ونارة وعائذ وبارق والسرام وسنجار وعلي وعُمان ودوس والنمر وحوالة والبقوم وبارق وشهِرّان وعمرو وألمع، فكل هؤلاء من قبائل الأزد وسائر كھهلان، ثم إن عمرو بن عامر لما خرج بكلية قومه الأزد من أرض مأرب اشتغلت كِنْدة بالأعمال التي كان يتولاها عمرو من الأطراف والثغور، وكذلك اشتغلت مَذْحِج وهمدان بما في أيديهم من البلاد والأعمال، وقعدت لخم وجذام، واشتغلت بلادهما بما فيها من مقاسات الأطراف والثغور، وصار أولاد نصر بن الأزد في أرض فارس، وجوا بن شحر وهي عشيرة الجلندي بن كركر، وانتشرت قُضَاعة في الشام والحجاز ونجد، ونزلت الحجاز منها عُذرة، ونزلت جُهَيْنة في رضوي، وأقبل أولاد عمرو بن عامر على البلاد فلا يدخلون بلدا إلَّا غلبوا أهل ذلك البلاد، أما خُزَاعَة فغلبت جرهم على مكة، وأما الأوس والخزرج فغلبوا اليهود على المدينة، وأما المنذر فغلبوا أهل العراق عليها، وأما جفنة فغلبوا أهل
(١) هنا نخالف هذا الرأي في نسب خُزَاعَة لأنَّها عدنانية من مُضَر كما ذكرنا ذلك في المجلد الأول من الموسوعة (نظر عنها) وكذلك سنذكر ذلك في السرد عن خُزَاعَة في المجلد التاسع إن شاء الله.