للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قال الإمام مالك - رحمة الله عليه:

كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إليه إلَّا صاحب هذا القبر. وأشار إلى قبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصدق الإمام مالك فإن نبينا علم الهدى لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحي يوحي علمه شديد القوي.

كما أوجه الشكر لأخي الباحث السعودي الكريم الأستاذ حمد الحقيل الوائلي في سرده عن قبيلة الحويطات، وقد أنصفها في مصنفه الشهير "كنز الأنساب ومجمع الآداب، وذكر نسبها الصحيح للأشراف، ورغم أن الأستاذ الحقيل لَمْ يُفصِّل وكان مقتضبًا نظرًا لشمول بحثه في قبائل كثيرة، ولكنه مشكورًا لَمْ يَسْر أو ينقاد وراء هؤلاء من ذوي المصنفات الأخرى الشهيرة قبله، ولم ينقل عنهم بجهل أو خطأ مكررًا الالتباس والتخبط عن الغير، وهذه براعة منه لما أنه كان يتابع بحوثًا ميدانية من الرواة مع بحوثه التاريخية، وقد برز من كبار الباحثين في الجزيرة العربية، والباحث إذا ما تبع الإسناد دون التمحيص فيه فإنه يكون خاطئا دائمًا أن ما بني على باطل فهو باطل، وقد ظهر للعديد من الباحثين في هذا القرن نقلهم عن الغير فكان سردهم ركيكًا ومصنفاتهم لا تقنع النّاس بما حوته، وإدبار النّاس عنها أكثر من إقبالهم عليها.

ونسب الحويطات للأشراف لَمْ أجده عند غالب الرواة من الثقات فحسب، ولكن وجدت ذلك عند الكثير من العامة في مصر والسعودية والأردن، ويتناقلون ذلك عبر أجيال طويلة قد مضت. ولقد أنكر الأستاذ فؤاد حمزة وذلك في مصنفه "قلب جزيرة العرب" الذي طبع لأول مرّة في القاهرة عام ١٩٣٣ م، وتمادي في التجئي والظلم على هذه القبيلة العربية الأصيلة وذكر في هامش كتابه قائلًا: "إن الحويطات يدعون النسب للأشراف من نسل الحسن أو الحسين، ولكن هذا غير ثابت أو مؤكد وإنما هم من بقايا الأنباط والأقوام القديمة"!!، وإني واثق أن فؤاد حمزة لَمْ يذهب إلى رواة الحويطات، ولم يمحص بعمق عن أصولهم، ولم يبحث تاريخيًا عن جذورهم، وقوله مبني على اطلاع الرأي بعض المستشرقين بالظن والاستنتاج الخاطيّ، وإن مؤرخًا عربيًا يستند إلى ظن من مستشرقين فإنها حقًّا تكون مأساة علمية في التاريخ العربي، وخاصة عندما يكون هذا الإسناد ظلمًا وغبنًا في نسب وحسب قبيلة عربية من العرب الأقحاح ومن أشراف العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>