وخطورة فؤاد حمزة تمثلت في سير بعض الباحثين في هذا القرن وراءه، لما نال من شهرة كمؤرخ في القرن العشرين من سبقه في الكتابة عن قبائل المملكة العربية السعودية القديمة والحديثة، وإن الحق يقال أن هذه الشهرة التي نالها ليست وليدة من تمحيصه ودقته في علم الأنساب، وإنما هي وليدة فقط من سبقه لغيره في هذا القرن في إصدار مصنف مختصر عن قبائل المملكة العربية السعودية، والتدليل على ذلك في نسيانه للعديد من القبائل الشهيرة في المملكة ولم يتطرق إليها نهائيًا، وكذلك لذكره السرد عن بعض القبائل وديارها وفروعها ولم يتطرق لنسبها، فكيف إذن يكون الباحث نسَّابة وهو يتجاهل ذلك عن الكيان القبلي وهو أهم شيء عنه!؟، كما أن فؤاد حمزة أخطأ في بعض القبائل ورد أصولها إلى منبع ليس صحيحا وهذا رغم شهرة هذه الكيانات!، وسوف نوضح تلميحات عن تلك الأخطاء في الهوامش ونصححها عبر مجلدات الموسوعة - إن شاء الله تعالى.
وأما ما حزَّ في نفسي فهو أن الدكتور جواد علي مؤلف كتاب "تاريخ العرب قبل الإسلام" قد حذا حذو فؤاد حمزة وذكر في عدة سطور عن الحويطات، ونقل طبعًا عن المستشرقين الأجانب زعما أن عرب الحويطات من بقايا النبط، وهذا الزعم الباطل لا أساس له من الصحة، وأنه مجرد هراء ولا يمت للحقيقة أو الحق في شيء، وأنه بدون سند تاريخي أو قياس زمني مقنع أو حجة ثابتة، وليت الدكتور جواد استند على استنتاج علمي أو إسناد منقول عن مؤرخين عرب لكان أهون، وأتعجب منطقيًّا أو زمنًّا كيف تكون قبيلة الحويطات من بقايا الأنباط؟ وهل كان الحويطات هؤلاء تحت الأرض في خفاء عن العالم وعن النّاس وعن المؤرخين العرب في القرون الماضية، حتى يقوم هؤلاء المستشرقون باكتشاف جذورهم في القرن الأخير؟!
إن الحويطات ككيان عشائري لَمْ يظهر في دنيا العشائر إلَّا قُبيل منتصف القرن العاشر الهجري، وهذا بشهادة النسَّابة والرحَّالة واتفاق الرواة، إذن المنطق يرفض والزمن ينفي والتاريخ ينكر دعوى وأباطيل هؤلاء المستشرقين وما قد استنتجوه من وحي عقولهم، ونحن العرب لا نحتاج إلى مثل هؤلاء الغرباء كي يخوضوا في جذورنا ليُعرِّفونا إياها؛ لأنَّ أنساب العرب معروفة ومثبوت أغلبها، والذي لَمْ يثبت معروف للجميع لا يخفى على أحد منا، وإني كباحث ليس معني