قولي هذا أنني منغلق على المؤرخين العرب متعصب لهم، ولكن فقط أرفض أخذ رأي غير قاطع لمجرد الظن، بدون دليل حاسم أو تعليل مُقنع أو حجة تاريخية ثابتة من هؤلاء الباحثين الأجانب، علم النسب ليس حفريات تُكتشف أو آثار تظهر، وإنما هو علم مبني على روايات في المجتمع العربي بعضها دُوِّن من قبل النسَّابين القدامي، والبعض الآخر تُرك لظرف معين أو لآخَرَ، يحتاج لتمحيص طبعًا قبل أن يُدوَّن من الباحثين في مصنفات تصدر خلال هذا العصر أو في العصور القادمة.
ونحن الباحثون العرب وكما قلت في مقدمة الكتاب كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضًا ويكمل أحدنا الآخر، ولا حرج أن يُصحح زميل لزميله وله الثواب، فعلم النسب والتاريخ كالبحر الواسع ليس فيه كبير على أمواجه وأسراره، إذن كيف نحن العرب نُصحح لبعضنا البعض سواء الحديث للحديث أو الحديث للقديم، ثم نسير وراء هؤلاء المستشرقين الأجانب ونحن معصوبي المعينين، وكأن هذا الأجنبي هو الفطن الذكي المتعمق، إذا قال صُدِّق وإذا استنتج أصاب وإذا حلل لَمْ يعتره خطأ!؟.
كلَّا وألف كلَّا … فالفطنة والذكاء والمعرفة عندنا نحن العرب إذا اتبعنا الحق واستعنا بهداية الله، ويكفي أن الله أعطانا القرآن العظيم يتعلم منا جميع البشر بلغتنا نحن، لغة القرآن الكريم لغة الضاد .. لغة الفصاحة، ولو أن العرب تنقصهم الفراسة والفطنة والذكاء ما كرَّمهم الخالق عن جميع الخلق، فالتقدير الإلهي هو شهادة ووسام نتحلى به، وكي يكون عند أي باحث أو عالم عربي الثقة أن علمه الذي وهبه الله له في أي مجال سيكون هو الأصح إن شاء الله، بشرط الإخلاص والاستعانة بملك الملوك الذي يفيض بكل خير وكل علمً مفيد للإنسانية، ومازال هؤلاء الأجانب يتلهفون وراء القرآن ليكتشفوا أسرارًا تلو أسرار تخص الحياة والكون في مختلف العلوم، فالنعمة في حوزتنا والخبرات بين أيدينا، فهيا ننهل منها وهيا لكلام الله وهيا للسير على منهاجه، سنجد النور يتلألأ في أي علم نخوض فيه فلا نشقى ولا نتعب ولا تحتار.
وأعود إلى هؤلاء المستشرقين وأرد ببساطة وأوضح أن (الأنباط) قوم من الأقوام السامية في المنطقة العربية بالشرق الأوسط، وقد دثروا وتلاشوا شأنهم شأن