للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتيامن حِمْيرُ ومَذْحِج والأَزدْ وكندة والأشعريون، وأنمار التي فيها بجيلة وخثعم" (١).

وخبر السد وخرابه، وتفرق بني سبإ، ونسبة الأزد إليه من الأمور المعروفة، غير أن الخيال أضفى على قصة السد من الزيادات ما أبرزها بصورة تبعث الاستغراب والعجب، بعد أن اتخذ منها القصاصون مادة للإطراف والتسلية والترويح. ومع أن كتاب "تفرُّق الأزد" الذي نسبه صاحب "الفهرست" (٢) وغيره لابن الكلبي لم يصل إلينا إلا أنه وصل إلينا من خبر الأزد ما لا نستبعد أن يكون ما في كتاب ابن الكلبي لا يخرج عنه، وبصرف النظر عن المقتطفات التي أوردها البكري وياقوت في معجميهما، وما جاء في كتاب "الأغاني" مما هو من كتاب ابن الكلبي فقد وردت نصوص طويلة في كتب أخرى، من أوفاها ما جاء في كتاب "السيرة" المنسوب لدغفل الشيباني، وفيه نقول عن ابن الكلبي وعبيد بن شربة وهما متأخران عن زمن دغفل، وأسلوب الكتاب لا يرقى إلى أساليب من نسبت إليهم تلك الأقوال، وما جاء في "التيجان" لابن هشام صاحب السيرة، ولندع ذكر ذلك الجرذ الضخم الجثة وتقليبه لصخور السد، وإن كانت هذه الخرافة أصبحت مسيطرة على عقول كثير من الشعراء وغيرهم إلى عهد قريب، حيث نجد الشاعر عمارة الحكمي يقول:

ولا تحتقر كيدَ الضعيف فربما … تموت الأفاعي من سموم العقاربِ

وقد هَدَّ قديمًا عَرش بلقيس هُدهدٌ … وخَرَّب حفرُ الفأرِ سَدَّ مأربِ

ولندع خبر عمران بن عامر، واحتياله عندما شاهد الجُرَذ بأن أمر ابنه أن يلطمه في ملأ من قومه ليتخذ من تلك اللطمة حيلة لبيع أمواله، ورحيله قبل أن يعلم قومه بخراب السد، لندع هذا، وإن كان في عهدنا من ينتسب إلى (الملطوم) هذا، وهو لقب أضفى عليه منذ زمن متقدم (٣) ولنكتف من خبر السد مما يتعلق بتفرق أهله ببعض نصوص وردت في كتب لمؤلفيها منزلة بين العلماء.


(١) "الأنساب" - ج ١ ص ٢١.
(٢) ص ٩٦ طبعة أوربا.
(٣) انظر "منتخبات من شمس العلوم" ص ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>