للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - قال ابن هشام في "السيرة": وكان سبب خروج عمرو بن عامر من اليمن -فيما حدثني أبو زيد الأنصاري- أنه رأى جرذًا يحفر في سد مأرب، الذي كان يحبس عليهم الماء، فيصرفونه حيث شاؤوا من أرضهم، فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك، فاعتزم على النقلة من اليمن، فكاد قومه، فأمر أصغر ولده إذا أغلظ له ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه، ففعل ابنه ما أمره به، فقال عمرو: لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي وعرض أمواله. فقال أشراف من أشراف اليمن: اغتنموا غضبة عمرو، فاشتروا منه أمواله. وانتقل في ولده وولد ولده. وقالت الأزد: لا نتخلف عن عمرو بن عامر، فباعوا أموالهم، وخرجوا معه، فساروا حتى نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان، فحاربتهم عك، فكانت حربهم سجالا، ففي ذلك قال عباس بن مرداس البيت الذي كتينا (١). ثم ارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلدان، فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام، ونزلت الأوس والخزرج يثرب، ونزلتا خزاعة مرّا، ونزلت أزد السراة السراة، ونزلت أزد عمان عُمان، ثم أرسل اللَّه تعالى على السد السيل فهدمه، ففيه أنزل اللَّه تبارك وتعالى على رسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ. . .} [سبأ] (٢).

على أنه في كتاب "التيجان" المنسوب إليه أورد الخبر مطولا، وملخص ذلك (٣) أن الأزد سارت مع عمرو بن عامر من مأرب إلى بلاد عك وبعد تجاور القبيلتين زمنا حدثت بينهما حرب فسارت الأزد إلى بلاد همدان فوقع بين القبيلتين قتال كان النصر فيه للأزد إلا أنهم ارتحلوا بعده من بلاد همدان وتخلف منهم بنو وادعة بن عمرو فانتسبوا في همدان فقيل وادعة بن عمرو بن جشم بن حاشد بن همدان، وسار الأزد إلى بلاد مذحج، وبعد قتال وقع الصلح وانتسب في بني مذحج من غسان بنو زيد بن الهنو (٤) وصاروا معهم إخوة فيقال إلى اليوم: بنو


(١) يقصد: وعك بن عدنان الذين تلقبوا بغسان حتى طردوا كل مطرد.
(٢) "السيرة النبوية" ج ١ ص ١٣.
(٣) من ص ٢٧٦ إلى ص ٢٨٢.
(٤) في المطبوع (الهبور) خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>