للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من روادهم رجل يقال له عائذ بن عبد اللَّه من بني مالك بن نصر بن الأزد خرج لهم رائدًا إلى بلد إخوتهم حِمْيَر فرأى بلادًا وعرة لا تحملهم مع أهلها فأقبل آيبًا حتى وافاهم فقام فيهم منشدًا وأنشأ يقول:

علام ارتحال الحي من أرض مأرب … ومأرب مأوى كل راض وعاتب

أما هي فيها الجنتان وفيهما … لنا ولمن فيها فنون الأطايب؟

ألم تك تغدو خورنا مرجحنة … على الحرج الملتف بين المشارب؟

أأن قال قولا كاهن لمليكنا؟ … فما هو فيما قال أول كاذب

تخلفها والجنتين ونبتغي … بجهران أو في يحضب مثل مارب

فهيهات بل هيهات والحق خير ما … يقال وبعض القول كشف المعايب

لقد رُدْتُ صيدًا والسحولين بعده … وعينهما السيال بين الذنائب

وغورت حتى طفت أبين بعد ما … خبرت لكم لحج الربى والسباسب

فلم أر فيما طفت من أرض حِمْير … لمأربنا من مشبه ومقارب

وهذي الجبال الشم للغور دونكم … حجاب وما فيها لكم من مآرب

وخيلكم خيل رعت في سهولة … من الأرض لم تألف طلوع الشناخب

أخاف عليهن الونى أن ينالها … وأنتم ولات المعلمات الكتائب

وكم ثم كم من معشر بعد معشر … أبحتم حماهم بالجياد السلاهب

ثم إنهم أقاموا بإزال وجانب بلد همدان في جوار ملك حِمْيَر في ذلك العصر حتى استحجرت خيلهم ونعمهم وماشيتهم، وصلح لهم طلوع الجبال فطلعوها من ناحية سهام ورمح وهبطوا منها على ذؤال وغلبوا غافقًا عليها، وأقاموا بتهامة ما أقاموا حتى وقعت الفرقة بينهم وبين كافة عك فساروا إلى الحجاز فرقًا فصار كل مخذ منهم إلى بلد فمنهم من نزل السروات، ومنهم من تخلف بمكة وما حولها، ومنهم من خرج العراق، ومنهم من سار إلى الشام، ومنهم من رمى قصد عُمان واليمامة والبحرين، ففي ذلك يقول جماعة البارقي:

حلَّت الأزد بعد مأربها الغو … رَ فأرض الحجاز فالسروات

ومضت منهم كتائب صدق … منجدات تخوض عرض الفلاة

فأتت ساحة اليمامة بالأظـ … ــعان والخيل والقنا والرماة

<<  <  ج: ص:  >  >>