والإبل والشاه والبقر وغيرها من أجناس السوام وفي ذلك تضرب لهم الرواد في البلاد تلتمس لهم الماء والمرعى، وكان من روادهم رجل من بني عمرو بن الغوث خرج لهم رائدًا إلى بلاد إخوتهم همدان فرأى بلادا لا تقوم مراعيها بأهلها وبهم، فأقبل آيبا حتى وافاهم وقام فيهم منشدًا لهذه الأبيات:
ألما قعجبوا منا ومما … يعسفنا به ريب الليالي
تركنا مَأربًا وبه نشَأنا … وقد كنَّا بها في حسن حال
نقيل سروحنا في كل يوم … على الأشجار والماء الزلال
وكنا نحن نسكن جنتيها … ملوكا في الحدائق والظلال
فوَسوس ربَّنا عمرٌو مقالا … لكاهنه المُصرِّ على الظلالِ
فأقبلنا نسوق الخور منها … إلى أَرض المجاعة والهزال
ألا يا للرجال لقد دهيتم … بمعضلة إلا يا للرجال!!
أبعد الجنتنن لنا قرار … بِرَيدة أو أثافت أو أزال؟
وإن الجوف واد ليس فيه … سوى الربض المبرز والسيال
وفي غُرَقٍ فليس لكم قرار … ولا هي ملتجا أهل ومال
وأرض البون قصدكم إليها … لترعوها العظيم من المحال
وفي الخشب الخلاء وليس فيه … لكم يا قوم من قيل وقال
وهذا الطود طود الغور منكم … ودون الطود أركان الجبال
يريد بالطود ما قطع اليمن من جبل السراة الذي بين نجدها وتهامها، وسمى طودًا ووجد في بعض كتب ذي ماذن كتاب بالمسند: من كريب ذي ماذنم إلى أهل تهامة وطودم. . في كلام قد ذكرناه في كتاب "الإكليل":
وخيلكمُ إذا جشَّمتموها … قرُوَّ الشامخات من الجبال
أخاف وجى يعقلها عليكم … فتصبح لا تسير من الكلال
وأنتم يا بني غوث بن نبت … ولاة الخيل والسمر العوالي
إذا ما الحرب أبدت ناجذيها … وشمرت الجحاجح للقتال (١)
(١) أبدت ناجذيها: أي كشَّرت عن أنيابها، شمَّرت الجحاجح: أي الأبطال. ويقال أيضًا: كشفت الحرب عن ساقها -أي اشتد أوارها وزاك لهيبها- وهذه ترادف كشَّرت عن أنيابها، ومعناهما واحد.