للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيان منظَّم وجيش، وبالإضافة إلى ذلك أنهم كانوا يجيدون بعض الصناعات ويصدرونها إلى الأمصار القريبة من مساكنهم في نواحي الجزيرة العربية، وكانوا يعرفون القراءة والكتابة وتُعرف بالنبطية، وكل هذه الأمور لا تنطبق على الحويطات ولا على أي قبيلة عربية غيرهم، والحويطات كعنصر قَبَلي لا يختلفون قيد أُنملة عن جميع العناصر القَبَلية العربية الأخرى في المجتمع العربي، ولو كان يشوب أصل الحويطات شيئًا لنفر منهم العرب منذ بداية تكوينهم أو ظهورهم في المجتمع كعشيرة في منتصف القرن العاشر الهجري، ولما خالطتهم القبائل العربية الأقدم مثل بني عطية وبني عُقبة وبلِّي وجُهينة وغيرهم، وقد تزاوج أو صاهر الحويطات تلك القبائل العريقة أي أخذوا وأعطوا مما يؤكد تكافؤ النسب، والعرب في القرون الماضية هم أحرص من عرب اليوم، وكان أبناء القبائل يتمسكون بالأحساب ويتعصبون للأنساب في مخالطة البشر غيرهم، وهذا خير دليل على نقاء وسمو وعروبة قبيلة الحويطات. وكم من الصبر والحلم الذي يتحلى به الحويطات لِمَا دُوِّنَ عنهم من تجن وتشكيك في عروبتهم وفي شرف عنصرهم من قِبَل هؤلاء المحققين في القرن العشرين الميلادي.

وذكر لي أحد الحويطات المثقفين الأذكياء عندما ناقشته في دعوى أصل الحويطات للأنباط قائلًا: نحن واثقون من أنفسنا يا أخي في وسط جميع القبائل العربية، ومعروف معدننا وشيمتنا العربية ونقاء عنصرنا وشرف نسبنا، وقد قيل عن غيرنا من القبائل قديمًا وحديثًا الكثير من التجنِّي والظلم، وأدلل على مَثَل وهو قبيلة ثقيف، فقد كان البعض ينسبهم إلى (ثمود) الذين كفروا ولعنهم الله، وهنا الظلم على ثقيف أشد وأقوي، تلك القبيلة العربية العريقة النسب منذ الجاهلية والتي صاهرت رهط النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قريش وغيرها من القبائل العربية الشهيرة، ورغم أن الله أنصف ثقيف في قرآنه الكريم ونفى عنهم هذه الدعوة وتلك الفرية في قوله: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} إلَّا أن الجهلاء والدهماء (١) تمسكوا بدعواهم الباطلة، وزعم بعض النسَّابين هذا النسب الظالم لتلك القبيلة العربية الكريمة، واستطرد قائلًا: نحن معشر الحويطات في حاجة ماسة من قبل باحث ينهج نهج الحق


(١) ترمز كلمة الدهماء: للحمقى - وقال المثل العربي: الحُمق داء ماله دواء!.

<<  <  ج: ص:  >  >>