للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث هاجم بخروش بن علاس بجيش زهران المتواضع في عدده وعدته جيش الأتراك الذي يقدر بحوالي عشرين ألف مقاتل، فهزمه شر هزيمة، وقدر عدد القتلى من الأتراك بألف رجل (١) تقريبا، فانسحب الأتراك إلى الطائف. ما يتمتع به من بطولة حقة وحنكة حربية بارعة.

التقى بعد ذلك جيش آل سعود بقيادة الإمام عبد اللَّه بن سعود بجيش الأتراك بقيادة محمد علي باشا في معركة "بسل" بالقرب من الطائف، وكانت نتيجة تلك المعركة في صالح الأتراك لتفوقهم على الجيش السعودي في العدد والعدة. وقد شدد الأتراك الضغط على جناحي الجيش السعودي اللذين تكونا من غامد وزهران. وأعتقد أن ضغط الأتراك المباشر على زهران وغامد، يرجع سببه إلى حنق محمد علي باشا، وعزمه على الانتقام من رجال زهران وغامد الذين أذاقوا جيوشه مرارا عديدة طعم الهزيمة المرة ومزقوهم شر ممزق.

وبعد معركة بسل استولى محمد علي باشا على تربه وبيشة وما جاورهما ثم زحف إلى عسير، فقبض على طامي بن شعيب وبخروش بن علاس. ويحكى لنا أحمد علي (٢) نقلا عن كتاب "حكام مكة" للكولونيل ديجوري وصفا لنهاية حياة القائد الزهراني بخروش بن علاس على يد محمد علي باشا فيقول: "كان بخروش عبوسا ساكنا، وفي ليلة من الليالي وجد بخروش حراسه نياما، فحل وثاقه وهرب، وعندما درى الحراس بهروبه تعقبوه ولما اقتربوا منه قتل بعضهم، وجرح كثيرين منهم، وأخيرا وقع في أسرهم، وجيء به عند محمد علي باشا، وسأله لماذا هربت وقتلت الجنود؟ فقال له: ما دمت حرا مطلقا أعمل كما أشاء. فرد عليه الباشا سأعاملك بنفس المعاملة. وأمر برد الأغلال عليه، وإيقافه وسط الجنود ثم أمر الجنود المحيطين به أن يطعنه كل واحد منهم طعنة غير قاتلة برأس خنجرة إطالة في تعذيبه. وتلقى الزعيم تلك الطعنات بصمت وشجاعة ولم ينبس بكلمة تشعر بأنه نادم على ما وقع منه، أو يستعطف الباشا وأخيرا قطع أحد الجنود رأسه، وأرسل إلى إستانبول مع طامي بن شعيب الذي أعدم هناك" (٣).


(١) صلاح الدين المختار - تاريخ المملكة العربية السعودية - ج ١ - ص ١٤٧.
(٢) آل سعود - ص ٦٤، ٦٥.
(٣) يقول أحد أحفاد بخروش أن جثته دفنت في واد الأحسبة بتهامة زهران.

<<  <  ج: ص:  >  >>