للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تقف سخرية الأتراك عند هذا الحد، بل تعدت إلى أنهم عند وصولهم إلى مصر في طريقهم إلى إستانبول، علقوا رأس بخروش بين كتفي زميله طامي، وطافوا به في شوارع القاهرة. وهكذا انتهت حياة هذا البطل ولكن ذكره ما زال ملء الأسماع، وخاصة في بلاد زهران مسقط رأسه ومجال شجاعته.

وبعد عودة محمد علي إلى مصر، هاجم رجال زهران وغامد وألمع جنوده المقيمين في تهامة والسراة؛ ودحروهم عدة دحرات. فانهزموا حاسرين إلى الطائف وجدة (١).

وفي الثلاثينيات من القرن الرابع عشر الهجري، استبدت أسرة آل عايض بشؤن الحكم في بلاد عسير، وكان الأمير حسن بن عائض مستبدا ظالما، فنفرت منه القبائل -وخصوصا قحطان وزهران (٢) - وأرسلت وفودها إلى مدينة الرياض، وشكوا إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (غفر اللَّه له) ما يعانيه الأهالي في عسير من ظلم واستبداد آل عائض. فأرسل الملك عبد العزيز إلى حسن بن عائض ستة من علماء نجد ينصحونه، ويدعونه إلى التزام جادة الحق والصواب، ولكنه كابر ولم يستمع لنصحهم، واستمر في سياسة الظلم والعدوان. فبعث إليه الملك عبد العزيز جيشا يقوده الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، فتمكن من القبض على حسن بن عائض وابن عمه محمد، وأرسلهما بالتالي إلى الملك عبد العزيز بالرياض فأكرمهما أحسن إكرام واتفق معهما على أن يعودا إلى عسير، ويلتزما الهدوء والسمع والطاعة. فعادا إلى بلادهما راضيين مغتبطين. ولكن حسن بن عائض عاد من جديد إلى إثارة الشغب والفوضى، فجهز الملك عبد العزيز (رحمه اللَّه) حملة كبيرة ووجهها إلى عسير بقيادة ابنه الأمير فيصل بن عبد العزيز وعند وصول الحملة إلى بلاد زهران انضم إليها أربعة آلاف مقاتل من زهران (٣) واستمرت الحملة في زحفها إلى عسير، حيث تمكن الأمير فيصل من القضاء على آل عائض نهائيا، وأراح الناس من ظلمهم وتعسفهم. وفي وقتنا الحاضر تنعم بلاد زهران - بفضل اللَّه ثم بفضل الحكم الرشيد والقيادة الحكيمة من


(١) أمين الريحاني - نجد وملحقاته وسيرة الملك عبد العزيز - ص ٨٣.
(٢) نفس المصدر - ص ٣٠٠.
(٣) المصدر السابق - ص ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>