للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفتاح وكان يكون عند حبى فلما هلك حليل أبت خُزاعة أن تدعه وذاك، وأخذوا المفتاح من حبى فمشى قُصي إلى رجال من قومه من قريش وبني كنانة ودعاهم إلى أن يقوموا معه في ذلك وأن ينصروه، ويعضدوه فأجابوه إلى نصره وأرسل قُصي إلى أخيه رزاح بن ربيعة وهو ببلاد قومه من قُضاعة يدعوه إلى نصره ويعلمه ما حالت خُزاعة بينه وبين ولاية البيت ويسأله الخروج إليه بمن أجابه من قومه فقام رزاح في قومه فأجابوه إلى ذلك فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته من أبيه حسن، ومحمود، وجلهمة، وبنو ربيعة بن حرام فيمن تبعهم من قُضاعة في حاج العرب مجتمعين لنصر قُصي والقيام معه، فلما اجتمع الناس بمكة خرجوا إلى الحج فوقفوا بعرفة وبجمع (١)، ونزلوا منى، وقُصي مجمع على ما أجمع عليه من قتالهم بمن معه من قريش؛ وبني كنانة، ومن قدم عليه مع أخيه رزاح من قُضاعة، فلما كان أخر أيام منى أرسلت قُضاعة إلى خُزاعة يسألونهم أن يسلموا إلى قُصي ما جعل له حُليل، وعظموا عليهم القتال في الحرم وحذروهم الظالم والبغي بمكة وذكروهم ما كانت فيه جرهم وما صارت إليه حين ألحدوا فيه بالظلم والبغي، فأبت خُزاعة أن تسلم ذلك فاقتتلوا بمفضى مأزمي منى. قال: فسمي ذلك المكان المفجر (٢) لما فجر فيه وسفك من الدماء وانتهك من حرمته فاقتتلوا قتالا شديدًا حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعًا وفشت فيهم الجراحات، وحاج العرب جميعًا من مُضَر واليمن مستكفون ينظرون إلى قتالهم، ثم تداعوا إلى الصلح ودخلت قبائل العرب بينهم وعظموا على الفريقين سفك الدماء والفجور فى الحرم فاصطلحوا على أن يحكموا بينهم رجلا من العرب فيما اختلفوا فيه فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن الليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وكان رجلا شريفًا فقال لهم: موعدكم فناء الكعبة غدًا فاجتمع إليه الناس وعدوا القتلى فكانت في خُزاعة أكثر منها في قريش وقُضاعة وكنانة وليس كل بني كنانة قاتل مع قُصي، إنما كانت مع قريش من بني كنانة قبائل يسيرة، واعتزلت عنها بكر بن عبد مناة قاطبة، فلما اجتمع الناس بفناء الكعبة قام يعمر بن عوف فقال: ألا إني قد


(١) عرفة: أرض مستوية تبلغ ميلين طولا في مثلها عرضًا وحدها من الجبل المشرف على بطن عرفة إلى جبالها إلى قصوري آل مالك. وجمع: هي المزدلفة سميت بذلك لاجتماع الناس بها، وحدها بين بطن محسر والمأذمين.
(٢) المفجر: مكان خلف الجبل المقابل لثبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>