للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشرافهم، سلمى، وكلثوم، وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم (١).

فبينما بنو بكر وخُزاعة على ذلك حجَز الإسلام بينهم، واشتغل الناس به فلما كان صلح الحديبية ودخلت خُزاعة في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ودخلت بنو بكر في عهد قريش، اغتنمت بكر تلك الهدنة وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة ثأرهم بقتل بني الأسود، فخرج نوفل بن معاوية الدُّئلي بمن تبعه من بكر حتى بيت خزاعة على ماء الوتير، فأصابوا منهم رجلًا وتحاوزوا واقتتلوا، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيًا، حتى حازوا خُزاعة إلى الحرم، وكان ممن أعان من قريش بني بكر على خزاعة ليلتئذ بأنفسهم متنكرين، صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، مع غيرهم وعبيدهم.

ودخل بنو بكر إلى مكة خلف خزاعة، فقال بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك، فقال: كلمة عظيمة إنه لا إله له اليوم!

يا بني بكر أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه! وقد أصابوا بيتوهم بالوتير رجلًا يقال له منبه، وكان رجلًا مفئودًا خرج هو ورجل من قومه، يقال له تيم بن أسد، فقال له منبه: يا تيم، انج بنفسك، فأما أنا فواللَّه إني لميت قتلوني أو تركوني، لقد انبت فؤادي، فانطلق تميم فأفلت، وأدركوا منبهًا فقتلوه، أما خزاعة فقد لجأوا إلى دار بُديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع (٢).

فلما تظاهرت بنو بكر وقُريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من العهد والميثاق بما استحلوا من خُزاعة، وكانوا في عقده وعهده، خرج عمرو بن سالم الخُزاعي ثم أحد بني كعب حتى قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، وكان ذلك مما أهاج فتح مكة، فوقف عليه وهو في المسجد جالسٌ بين ظهراني الناس فقال:


(١) تاريخ الطبري ٣/ ٤٣.
(٢) تاريخ الطبري ٣/ ٤٣ - ومفئود: ضعيف الفؤاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>