للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَظَنِّي بِها حِفظٌ لِغَيبي وَرِعيَةٌ … لِما استُرعِيَتْ، وَالظَّنُّ بِالغَيبِ واسِعُ

وَقَدْ يَحمَدُ اللَهُ العَزاءَ، مِنَ الفَتى … وَقَدْ يَجْمَعُ الأَمرَ الشَّتيتَ، الجَوامِعُ

أَلا قَدْ يُسَلَّى ذُو الهَوى عن حَبيبِهِ … فَيَسْلُو، وَقَدْ تُرْدِي الرِّجَالَ المَطَامِعُ

كَمَا قَدْ يُسَلَّى بِالْعِقَالِ، وَبِالْعَصَا … وَبِالقَيدِ، ضِغْنُ الفَحْلِ، إِذْ هُوَ نَازِعُ (١)

فَمَا رَاعَني إِلّا المُنادي: أَلا اظْعَنُوا … وإلا الرَّوَاغي، غُدوَةً، وَالقَعَاقِعُ (٢)

فَجِئْتُ، كَمَخُفْي السِّرِّ، بَيْنِي وَبَينَها … لأسألَها: أَيّانَ مَن سارَ راجِعُ

فَقالَت: لِقاءٌ بَعدَ حَولٍ، وَحِجَّةٍ … وَشَحْطُ نَوًى، إِلّا لِذي العَهدِ قاطِعُ (٣)

وَقالَت: متُزَحزِحْ،، لا بنا خِلْتَ خَلَّةً … إِلَيْكَ، وَلا مِنّا لِفَقرِكَ راقِعُ

بِحَسبُكَ مِن قُرْبٍ، ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ … وَمِن حَزَنٍ، أَن زادَ شَوقَكَ رابِعُ

وَقَد يَلتَقي بَعدَ الشَّتاتِ، أُولو النَّوى … وَيَستَرجِعُ، الحَيَّ، السَّحابُ اللَّوامِعُ (٤)

فَمازِلتُ تَحتَ السِّترِ حَتَّى كَأَنَّني … مِنَ الطَّلِّ، ذو طِمرَينِ في البَحْرِ شَارِعُ (٥)

وَهَزَّت إِلَيَّ الرَأسَ، مِنّي تَعَجُّبًا … وَعُضِّضَ، مِما قَد أَتَيْتُ، الأَصَابِعُ

سَعى، بَينَهُم، واشٍ بِأَفلاقِ بِرمَةٍ … لِيَفجَعَ، بِالأَظغانِ، مَن هُوَ جازِعُ

بَكَتْ مِن حَديثٍ بَثَّهُ، وَأَشاعَهُ … وَرَصَّفَهُ واشٍ، مِنَ القَومِ راصِعُ

بَكَتْ عَينُ مَن أَبكاكَ، لا يَعرِفُ البُكى … وَلا تَتَخالَجكِ الأُمورُ، النَّوازِعُ

فَلا يَسمَعَنْ سِرِّي، وَسِرَّكِ، ثالِثٌ … ألا كُلُّ سِرٍّ، جاوَزَ اثنَينِ، شائِعُ

وَكَيفَ يَشيعُ السِّرُّ، مِنِّي، وَدُوْنَهُ … حِجابٌ، وَمِن دونِ الحِجابِ الأَضالِعُ؟

وَحُبَّ لِهَذا الرَّبْعِ، يَمضي، أَمامَهُ … قَليلُ العَلَى، مِنهُ جَليلٌ وَرادِعُ!

لَهوتُ بِهِ، حَتّى إِذا خِفتُ أَهلَهُ … وَبَيَّنَ مِنهُ لِلحَبيبِ، المُخادِعُ

نَزَعتُ، فَما سِرِّي لِأَوّلِ سائِلٍ … وَذُو السِّرِّ، ما لَمْ يَحفَظِ السِّرَّ مَاذِعُ

وما إنْ خَذُولٌ، نازَعتْ حَبَلَ حابِلٍ … لِتَنْجُوَ، إلا استَلَمتَ وَهِيَ ظالِعُ (٦)


(١) الفحل النازع: الذي حَنَّ واشتاق اشتياقًا شديدًا.
(٢) الرواغي: من قولك رغت الناقة، إذا صوتت.
(٣) الخلَّة: الحاجة.
(٤) وقوله: يسترجع الحيَّ السحاب، يشير به إلى رجوع نبيصة بن ذؤيب وأخته نعم إلى أوطانهما، بعد أن بلغهما كثرة الغيث فيها.
(٥) الطل ههنا: العرق. والشارع: الداخل.
(٦) الخذول: البقرة الوحشية تخذل صواحباتها، وتنفرد مع ولدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>