للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد عرض إبراهيم الإِمام الإمارة على سليمان بن كثير فأبى، ثم أجمع رأيه على أبي مسلم وأوصاه بسليمان فقال: "ولا تخالف هذا الشيخ، يعني سليمان بن كثير، ولا تعصه، وإذا أشكل عليك أمر فاكتف به مني" (١).

ولكن أبا مسلم تعجل الأمر فأنفذ حكمه ومات الشيخ النقيب وغضب العباسيون من أجله، وعندما وقع أبو مسلم بين يدي الخليفة المنصور أبو جعفر، قال له: "ما دعاك إلى قتل سليمان بن كثير مع أثره في دعوتنا وهو أحد نقبائنا قبل أن ندخلك في شيء من هذا الأمر؟.

قال أبو مسلم: أراد الخلاف وعصاني فقتلته.

فقال المنصور: وحاله عندنا حاله فقتلته، وتعصيني وأنت مخالف عليَّ قتلني اللَّه إن لم أقتلك (٢).

وقُتل سليمان بن كثير سنة (١٣٢ هـ) بضرب عنقه، ولم ير أبو مسلم الخراساني أحدًا ممن ضرب عنقه غيره (٣)، وذلك ليتأكد من موته.

كانت نهاية سليمان بن كثير الخزاعي محزنة أن يقتل لمجرد الشبهة على يدي أبي مسلم الخراساني، وهو الرجل المخلص الذي عمل جاهدًا ضد الدولة الأموية، وكان من النقباء الأشراف، وموضع ثقة الإمامين محمد بن علي ومن بعده إبراهيم ابن محمد، ولقد كان حساب أبي مسلم عسيرًا على يدي أبي جعفر المنصور، ولكن بعد أن بلغ السيل الزبى وأخذ يشكل خطرًا على الدولة العباسية، وهذا ما أدركه المنصور حين قدومه لبغداد عائدًا من خراسان؛ إذ قال كلمة مشهورة إلى أبي العباس السفاح: "لست خليفة ولا آمرك بشيء إن تركت أبا مسلم ولم تقتله، قال وكيف؟ قال: واللَّه ما يصنع إلا ما أراد، قال أبو العباس اسكت فاكتمها (٤) ولكن الذي قتله المنصور.


(١) الكامل في التاريخ ٥/ ٣٤٨.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٤٩١، الكامل في التاريخ ٥/ ٤٧٥.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٤٥٠.
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>