للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومائة، وسكن المعسكر وأقر على شرطته هبيرة بن هاشم مدة قليلة، ثم عزله بمحمد بن عامة، ثم عزل محمدًا بعبد العزيز بن الوزير الجروي، ثم عزل عبد العزيز بإبراهيم بن عبد السلام الخزاعي، ثم عزله بهبيرة بن هاشم المذكور أولا، كل ذلك لما كان في أيامه من كثرة الاضطراب والفتن والحروب قائمة في كل ديار مصر، فإن أهل مصر كانوا يوم ذاك فرقتين: فرقة من حزب الأمين، وفرقة من حزب أخيه المأمون، فقاسى المطلب الشدائد، وعزل ودامت ولايته حوالي سبعة أشهر ونصف. وكان والي مصر قبل المطلب عباد بن محمد، الذي عزل وأودع السجن، وكذلك ولي بعد المطلب العباس بن موسى، وأودع المطلب السجن بإذن المأمون وذلك سنة ثمان وتسعين ومائة وفيها ولي المأمون الخلافة وقتل الأمين وعلقت رأسه وطيف بها (١).

وثار أهل مصر وأخرجوا المطلب الخزاعي من حبسه وأقاموه على إمرة مصر لأربع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع وتسعين ومائة وطردوا عبد اللَّه بن العباس والحسن بن عبيد وأخرجوهما من مصر وقيل قتلوا عبد اللَّه بن العباس وولوا عليهم المطلب هذا فاستولى على مصر ورفق بالرعية وأجزل لهم أعطياتهم وأحسن إليهم، فانضم عليه ص خلائق من الجند ومن أهل مصر وغيرهم، فاستفحل أمره بهم وقويت شوكته، وأخرج من أصحاب العباس وابنه عبد اللَّه، ثم وقعت بينهما معارك، ويقال بأن العباس بن موسى مات بالسُّم.

ولما بلغ المأمون ذلك لم يجد بدًّا من أن يقره على إمرة مصر، ثم عزله سنة مائتين وولي مكانه السري بن الحكم. . ثم جرت معارك طاحنة بين السري والمطلب الخزاعي، وقتل بين الطرفين خلائق كثيرة، فهرب المطلب من مصر إلى مكة، ودخل السري مصر واستولى عليها، وكان حكم المطلب هذه المرة الثانية على مصر سنة واحدة وسبعة أشهر (٢).


= والده عبد بن مالك (أبو العباس) كان صاحب الشرطة في أيام المهدي فالهادي فالرشيد، وتولى أرمينية وأذربيجان. أما المطلب فقد ولاه الأمين الموصل سنة (١٩٦ هـ) فأخذ له البيعة بها ومن ثم استماله المأمون. وورد عنه أيضًا ترجمة في ديوان دعبل الخزاعي، الذي مدحه وهجاه، وفي الأغاني مدحه محمد بن وهيب ١٩/ ٣.
(١) النجوم الزاهرة ٢/ ١٥٧، ١٦١، ١٦٢، ١٦٣.
(٢) النجوم الزاهرة ٢/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>